كتاب الشيخ طاهر الجزائري رائد التجديد الديني في بلاد الشام في العصر الحديث

وكان الشيخ طاهر الجزائري لا يؤمن بالعنف والإكراه طريقأ يمكن
ان يُتوصَل به إلى إصلاح أمر الأمة وإنهاضها. بل -كما قلنا -باعداد الشركة
الفكرية عن طريق التربية والتعليم مهما طال الوقت، وامتد الزمان، فهو
يرى أن "الإصلاح على اختلاف آنواعه لا بد آن يكون على سبيل التدرج،
وفقاَ لمقتضى السنن الطبيعية، لأن ما ياتي على جناح السرعة لا يلبث أ ن
يرجع من حيث آتى " (1).
وكان يقول رحمه الله: "إنّ افضل الطرق في إنهاض شعب تثقيفه
بثقافةِ العصر، وثقافة الدين، وهذه طريق طويلة، ولكنها امينةُ الغائلة،
لا تخرجُ عن طريقة النشوء الطبيعي " (2).
وقد لخص لنا محمد كرد علي منهج شيخه الجزائري بقوله: " وخِطَتُه
الإخلاص والعمل على النهوض بالأمة من طريق العلم، وبث المَلَكات
الصحيحة في اهل الإسلام. وئورته ثورة فكرية لا مادية، ويقول: إنَ هذه
الطريق يطول أمرها، ولكن يُؤمن فيها العَثار، والسلامة محققة ئابتة " (3).
ومن الطريف هنا أن نذكر انَ الأستاذ كرد علي وجد تشابهاً بين
منهج الشيخ الجزائري هذا في الإصلاح ومنهج المهاتما غاندي في الدعوة
إلى العلم ونبذ العنف، حيث قال:
"ويشبه الشيخ من كثير من الوجوه غاندي الفيلسوف الهندي
المعاصر. وإن لم يكن له ما لهذا من الشجاعة، وذلك ا! الشيخ لا يحب
الأذى ولا العنف، ويحاول إحياء كل ما هو اَسيوي من اللغات والتقاليد،
(1)
(2)
(3)
محمد سعيد الباني، تنوير البصائر، ص 79، طا، وص 6 1 1، ط 2.
كرد علي، ا لمذكرات: 3/ 9 1 7.
كرد علي، كنوز ا لأجد اد، ص 4 1.
97

الصفحة 97