وقد عاش أحمد أمين في الواحات فلم يصفها، واشتغل بالقضاء
الشرعي فما توجّع مرّةً واحدة للمآسي التي رآها، ولو كان أحمد أمين أديباً
لكتب خواطره، وسطّر إحساساته في القضاء، وفي الواحات ".
وتمضي على ذلك سنة ونصف سنة، ويأتي العدد (384 - 1 1
نوفمبر/ 0 94 1) من (الرسالة) فماذا نجد؟ وماذا نرى؟.
نجد أن الدكتور زكي مبارك يقول: "يجب الاعتراف بأنّ لأحمد
أمين أسلوباً، وبأن لهذا الأسلوب شخصيةً تتميز بالسهولة والوضوح،
وبأنّ في كتابه (فيض الخاطر) مقالات من الادب الذاتي، وهو الأدب
الذي يصؤر الكاتب وإحساساته، ثم رجا طلاب السنة التوجيهية ان يفطنوا
وهم يقرؤون كتاب (فيض الخاطر) إلى أنّ المؤلف أديب، يصوّر لواعج
نفسه ".
ثم يقول الدكتور صلاح الدين المنجد: "فهل للأستاذ زكي مبارك
أن يجلو لنا السزَ الذي جعل احمد امين أديباً هنا، أم أنّ ذلك من باب
رضيت فكسوتُه، وغضبت فجزدته ".
والسّر الذي يبحث عنه الأستاذ المنجد، ولم يحاول مبارك كشفه،
هو ان الدكتور زكي عند الهجوم يندفع بأقصى ما يكون من السرعة دون
اتئاد، فيشتطّ في أحكابم تتطلب الهدوء، وهو في تحليله لكتاب (فيض
الخاطر) لم يكن مُهاجماً، بل كان ناقدا متئداً، فاعتدل في كفّه الميزان.
وقول الدكتور مبارك: إنّ أحمد أمين قد عاش في الواحات وفي
القضاء الشرعي، ولم يُفصح عن ذات نفسه، يردّه انَّ الرجل قد كتب
خواطره، ولم يشأ نشرها إلا بعد امدٍ طويل، إذ حفل كتاب (حياتي) بكل
ما تطلّب مبارك.
100