كتاب أحمد أمين مؤرخ الفكر الإسلامي

واحمد أمين رجل رزين هادى، يؤثر التؤدة، ويُراعي من الملابسات
ما لا يراعيه الدكتور مبارك، ولذلك اَثر الانتظار حتى سمح لخواطره
با لإعلان.
وإذا نظرت إلى مقالات (فيض الخاطر) بأجزائه العشرة نجدها أكثر
سعةً وشمولاً من مجموعات مماثلة للرافعي والبشري والزيات
والمنفلوطي، لأن أحمد أصين كان يعئر عن كل خاطر يسنح له، علمياَ كان
أو وجدانياً، وعدمُ اهتمامه بأناقة الأسلوب التعبيري كان سببَ هذا الفيض
ا لزاخر.
ومحلل الكتاب الضخم يعجز عن إيفائه حقه في فصل واحد من
كتاب محدود، ولكن ذلك لا يمنع أن أشيرَ إلى العلامات البارزة في هذه
الموسوعة الراقية فكراَ وتعبيراَ وتصويراَ، ومن هذه العلامات الحوارُ
الفكري الذي امتاز به الكاتب الكبير، وترقرق في صفحات الفيض، ومنها
النظرات الأدبية التحليلية لمشكلات معقدة، ومنها الإمعانُ في وصف
بعض مظاهر الطبيعة الخالبة. هذا غير نزعاته الإصلاحية في مضماري
التجديد الإسلامي، والإصلاح ا لاجتماعي، وكل علامة من هذه العلامات
جديرة بالوقوف الوئيد، ولا يمكن لضيق المقام أن نشيرَ إلى جميعها،
ولكن سنختار منها:
وأبدأ بالحوار الرائع الذي انسجم في صفحات (الفيض) وبخاصة
ما جاء تحت عنوان (في الهواء الطلق) إذ لا اجد له مثيلاَ فيما بين يدفيَ من
آثار المعاصرين، وأنا ارْجِعُ ذلك إلى كتاب (الامتاع والمؤانسة) الذي
أشرف الأستاذ على تحقيفه، حيث إن أبا حيان في هذا الكتاب قد بلغ
الذروة إبداعأ وإحكامأ، وقد أحاط بمجالس السمر التي عُني بتسجيلها
101

الصفحة 101