كتاب أحمد أمين مؤرخ الفكر الإسلامي

الأمم العربية، ليساعد بعضها بعضاً.
وما كاد حديث هذ 5 المساعدة يلوح حتى انبعث من يقول: إذا كان
لكل أمةٍ مشكلاتها الخاضة التي تعبى الجهود لحلها، فكيف ينتظر منها أ ن
تساعد غيرها؟ وهو اعتراضٌ وُجد من يدفعه بقوله: إنّ الأمم الأمريكية
والأوروبية جميعها ذاتُ مشاكل تخصّ كلّ واحدة منها، ولم يمنع ذلك
من الاتفاق على مُساندةٍ قوية بين هذه الأمم!.
فصاح صائح: تلك أممٌ مستقلة تملكُ كل حرياتها، ولكنها لا تزالُ
ترزحُ تحت قيود ا لاحتلال، وهو لا يسمجُ بتعاونٍ سياسي أو حربي.
وجاء الرد بأن للتعاون أوجهاً أخرى غير هذين، هناك التعاون
الاقتصادي والثقافي. نبدأ بهما كخطوة أولى.
وصاح متشائم: أنا اعرف جيداً أنّ التعاون السياسي جائز نظرياً،
صدبئ عمليأ، ودلل على قوله بما رآه.
وامتدّ الجدل في انسيابٍ يدلّ على أن الأستاذ أحمد أمين لم يكنْ
مسجلاً فحسب، بل كان مُبلوراً ومصخحأ، وموجّهأ، وهذا غايةُ ما ينتظر
من مسجلٍ راق لأحاديث ندوة ممتازة.
هذا بعض ما يشير إلى المجلس الأول، أما المجلس الثاني، فقد
اتجه إلى مسائل أخلاقية تحتمل الخلاف العقلي، إذ طرأ حديث اختلاف
الأمزجة بين الناس، واثر المزاج في سلوك الإنسان، فقال قائل: إنّ
اختلاف المزاج يرجعُ إلى حالة الإنسان الصحية، فإذا كانت الصحة سليمة
منتعشة فلا تكدير ولا عبوس، وإذا كان المرض ذا دلائل فهنا الانقباض،
وانحراف المزاج، وهذا الكلام مع سداده وجد الاعتراض، إذ كثيراً
ما ينحرف مزاج الإنسان وهو صحيجُ الجسم، وقد يكون المريض
103

الصفحة 103