5 - حياتي
ظهرت كتب كثيرة يتحدث أصحابها عن سيرهم الذاتية؟ كطه حسين
وسلامة موسى، ومحمد حسين هيكل، وغيرهم، ولكن سيرتين كان لهما
أثر كبير لدى القراء، هما سيرتا (أحمد امين) و (ميخائيل نعيمة)، وقد
يعترضُ من يقول: إنّ كتاب (الأيام) لطه حسين حاز شهرةً فائقة، وأصبح
الأول في موضوعه عند الكثيرين، وهذا حقّ، ولكني لست من هؤلاء
الكثيرين، لأن طه حسين في (الأيام) تعمّد الصدق الفني لا الصدق
الواقعي، فأبرز نفسه في صورة المضطهد من كل من حوله، حتى اخيه
الذي عطف عليه وتحمل العناء في سبيل راحته بالقاهرة.
أما أحمد أمين فقد التزم الصدق قدر المستطاع، وأقولُ قدر
المستطاع لأن كل إنسان مهما تحرّى الصدق لا يستطيعُ أن يتحدّث عن
أمور تكون موضع نقد صريج، هذا عندنا في الشرق، وهو سلوكٌ حميد
تحرص عليه ا لفضائل الشرقية، أما الذين يكتبون عن فضائحهم في ا ور وبة،
ويتباهون بما يكتبون، ويجدون عندنا من! سرجم مخازيهم تحت عنوان
(الاعتراف) وكأنها نصر مبين! هؤلاء لا يرضون غير طائفة سطحية من
الناس، إذ ما جدوى أن يتحدث الإنسان عن مخازيه، وكأنه فاتج منتصر.
أرجعُ إلى كتاب (حياتي) فأقول: إنه يحتوي على الصدق الكثير في
سيرة كاتب باحثٍ حمل أمانة القلم، وشقَّ طريقه في الصخر صامداً،
108