وألّف في الفروع المختلفة من قضايا الأدب والنقد والتاريخ والاجتماع،
وقام على تحرير مجلة وجّهت القراء إلى المستويات الرفيعة في الاداب
والعلوم والفنون، ومع هذا النصر المبين في دنيا العلم والأدب والخلق
فقد خاف الرجل من حديثه عن نفسه خوفاً ظهر في سطور كتابه. وقدّم
تاريحْ حياته سجلاًّ رائعاً لكفاح إنسان عصامي، بذل! اقصى جهده، حتى
صار علماً من أعلام الفكر في العصر الحديث.
يقول! الدكتور (احمد امين) في مقدمة كتابه: "لم اتهيب شيئاً من
تأليف ما تهيبت من إخراج هذا الكتاب، فإن كل ما أخرجته كان غيري
المعروض، وأنا العارض، وغيري الموصوف وانا الواصف، أما في هذا
الكتاب فأنا العارضُ والمعروض والواصف والموصوف، والعين لا ترى
نفسها إلا بمرآة، والشيء إذا زاد قربه صعبت رؤيته، والنفس لا ترى
شخصها إلا من قول! عدؤ أو صديق، أو بمحاولة التجريد، وتوزيعها على
شخصيتين، نا ظرةٍ ومنظورة، وحاكمة ومحكومة، وما أشقّ ذلك وأ ضنا 5 ".
وقد اهتدى الأستاذ إلى حقيقة نفسية صادقة حين قال! بعد ذلك:
"ثم إن حديث الإنسان عادةً عن نفسه بغيضٌ ثقيل، لأن حب ا لإنسان
نفسه كثيراً ما يدعو 5 أن يشوبَ حديثه بالمديح، ولو عن طريق التواضع
والإيحاء والتلويح، وفي هذا المدح دلالةٌ على التسامي والتعالي من
القائل، ومدعاةً للاشمئزاز والنفور من القارئ والسامع، ولذلك
لا يُستساغ الحديثُ عن النفس إلا بضروبٍ من اللياقة، وأفانينِ اللباقة ".
هذا بعض ما جاء في المقدمة الصادقة، وهو تحليلٌ صاد! لنفسية
المتحدث عن نفسه، فكل إنسانِ يحمث المديح من غير 5، وأ ولى ألا ينتقص
نفسه، فيصمها بما يجعلها موضعَ النقد، والكاتب المجيد، هو الذي
109