كتاب أحمد أمين مؤرخ الفكر الإسلامي

وظهر لأحمد أمين نبوغ مشهود، إذ تقدَم للمحاضرة العامة أمام
زملائه وأساتذته، وهي ضرب من الاستعداد العلمي أتاحَه ناظرُ المدرسة
لنجباء الطلاب وكان عاطف بركات هو الذي يقرأ ما سيُقال، ويُبدي رأيَه
فيه، وقد طالعَ ما كتب أحمد أمين ففاز بتقديره، وتعفَقت صلته به.
ثم مزَت الأيام، فانتهت أيام الدراسة، ليصبحَ الطالبُ الناجحُ بأعلى
تقدير مدزسأبالمدرسة، وتزداد صلتُه بعاطف بركات، فيتيج له أن يقرأَ كُتبأ
مترجمة في الأخلاق والتربية وعلم النفس، وأن يلخصها في محاضراتٍ
تلقى على الطلاب.
وهنا تتفتَح نفسُه لمعارفَ جديدة، ويصمم على أن يتعلم ا لإنكليزية،
ليقرأ الكتاب المترجم في أصله، حتى إذا بلغ من ذلك ما أراد، بدأ بترجمة
كتابٍ في الفلسفة طُبع عدة مرات، وكان باكورةً طيبة لكُتبٍ تؤلف في
موضوعه.
لقد أخلص الأستاذ لعلمه، فدأب في تحصيله حتى وصل به إلى
ارقى ما ينتظر من مثله، ولو أئه منحَ العلمَ وحدَه دون الرفقة الصالحة
ما استطاعَ أن يأخذ وضعَه الخلقيَّ والاجتماعيئَ بين الناس، وإن استطاع
أن يكون عالماً ذا بحوث، فبيئةُ أحمد أمين قد هدته إلى اختيار النماذج
الصالحة لاقتدائها، كما بَعُدتْ به فطرتُه الطيبة عن النماذج السيئة، فلم
تتصل اسبابه بها، هذه البيئةُ العلمية، دفعتْهُ إلى صداقاتٍ شتّى، من أهمها
زملاؤه في الجنة التأليف والترجمة والنشر)، حيث كانوا ذوي مواهب
مختلفة، واهتماماتٍ أدبية وسياسية واجتماعية ذات طموح.
وقد تحدَث ا لأستاذ عنهم حديثَ المغتبط السعيد، فقال: إن ظروفَه
السعيدة دفعتْهُ سنة 4 91 1 إلى التعزُف بشبّانٍ ممتازين، يتثقفون بغير ثقافته
11

الصفحة 11