كتاب أحمد أمين مؤرخ الفكر الإسلامي

يعرضُ ما يتخئله من الأوضاع المنقودة بالنسبة إليه موضعَ المعتذر المقرّ،
وهذا ما قام به الأستاذ أحمد امين، وهو بذلك قد ارضى نفسيّه القارى،
لأن القارى في صميمه الإنسانيئ محتاجٌ إلى أن يعلم من نقائص العظماء
مايجعلهُ يحتملُ نقائصه الخاصة. ويرى أن الكمال المطلق لم ي! ح لإنسان!
فهو بالوقوف على هذ 5 النقائص يُحمت الكاتب، ويسير معه إلى غايته سعيداَ
بما يقرا، لا سيما إذا كانت هذ 5 النقائص من الصغائر لا من الكبا ئر.
أما الكاتب الذي يُضخم نفسه دائماً، ويجعل أعماله موضعَ ا لإعجاب
والتقدير فنصيبهُ من عطفِ القارئ محدودٌ، ولن يصل إلى مكانة من جعل
نفسه إنساناً يخطئ ويصيب، وسيرة الدكتور (أحمد أمين) العامة ذائعةٌ
مشتهرة، كتبها تلاميذ 5 ممن تحدثوا عن سيرته، وسخلها أصدقاؤ 5 في
كتاب قيم يحمل اسمه، ولكن غير المشتهرة تلك الخوافي النفسية التي
تحدث عنها الرجلُ في حياته، فكانت موضعَ عبرةٍ وإعجاب معاً، وساُلِئمُ
ببعضها دون استقصاء:
تحدّث الكاتب عن حيرته وهو ناشئ صغير بين ما يأخذ 5 في المدرسة
من دروس الحساب والتاريخ واللغة الإنكليزية وبين ما يفرضه أبوه العالم
الأزهري عليه بعد خروجه منها، مِن حفط القراَن ومتون اللغة والنحو، إ ذ
كان الوالد يعده للأزهر بحفظ القراَن والمتون، ويعدّه للمدارس المدنية
بعلومها المختلفة، وهذا ضغطٌ شديدٌ لا تتحمله أعصابُ الطفل الناشئ.
وهو أحياناً يقضر فيضربه والد 5، وتتدخّل أمه فيثورُ عليها الوالد، يقول
المؤلف في توضيح هذه المشكلة (1): "كان هذا الضغط الشديد مثاراً
لثورتي أحياناً، فرثما كنتُ أهرب من فقيه المكتب ظهراً، أو من الذهاب
(1) حيا تي، صه 4.
110

الصفحة 110