كتاب أحمد أمين مؤرخ الفكر الإسلامي

لقد اعترف أحمد أمين بتقصيره الأدبي حين قالى (1): "لقد دزستُ
في مدرسة (راتب باشا) اللغة العربية للسنة الرابعة الابتدائية، وكان هذا
فخراً كبيراً، إذ من يدرس اللغة ينظر إليه على أنه أرقى مدرس للمادة،
وأحسستُ كفايتي في تدريس القواعد، حتى كان من غروري أني اُخطّى
الكتب المدرسية التي قررتها وزارة المعارف، أما في دروس الإنشاء فلم
أكن بارعأ، بل كان بعضُ التلاميذ يكتبون خيرا مما اكتب، لأني لم أتمرّن
على الكتابة، وكنتُ إذا كتبتُ شيئأ مِلْت إلى السجع، وإنْ لم ألتزمه لغلبة
ما حفظتُ من (مقامات بديع الزمان) ورسائله، ورأيتُ من المدرّسين
بالمدرسة ما لا عهد لي به، فكأئهم يمثفون رواية غريبة الأحوالى، مفككة
الفصولى، منهم من يُمثّل دور الماكر ذي الناب الأزرق، الذي يُقابلك
فيبتسمُ لك، ويُوهمك أنه صديقك، وهو يدش الدسائس لك عند ناظر
المدرسة، ومنهم من يُمثّل الخبيث المنطوي على نفسه، الحاقد على الدنيا
وكل شيء فيها، ومنهم السّكّير العربيد، الذي يستولي على مالى المدرسة،
فيصرفه في سكره وعربدته، ثم يُضبط فيطرد، ومنهم فزَاش المدرسة العبد
الأسود، الذي تحمز عيناه، وتقذفان بالشرر من كثرة ما يتعاطى من
البوظة، وكنتُ أمثّل من هذه الادوار دور المغفل الساذج، الذي لم يعرف
الدنيا، ولم يختبر الناس ".
وما قاله أحمد أمين عن المجتمع المدرسي منذُ قرابة قرن، لا يزالىُ
إلى الان، لأن الناس هم الناس، بل إن تقدم وسائل المدنية أوحى
للماكرين من المؤامرات ما لا يقف عند حذّ، اما ان الأستاذ كان يمثّل
دورَ المغفل الساذج، فهذا ما لا أرتضيه، لأنّه كان يمثّل دورَ المسالم
(1) حياتي، ص 76.
113

الصفحة 113