كتاب أحمد أمين مؤرخ الفكر الإسلامي

الذي ينأى عن الاحتكاكات والمنافسات، ولو كان مغفلاً لأوقعه هؤلاء
الأشرار في حبائلهم المحكمة التي لا يفلت منها صيد!.
وقد اعترف الأستاذ أنه لقي زميلين في الارهر يشكوان من صعوبة
الدروس، وعدم فهمها، إذ كانت تُلقى في أسلوبٍ جافٍ يميل إلى
الاعتراضات اللفظية، وحلّ الضمائر، ورجوعها إلى الالفاظ المتقدّمة،
دون اهتمام بجوهر الموضوع ذاته، فحئب إليه هذا الزميلان الفاسدان أ ن
يتركوا الدروس، ويذهبوا إلى قهوةٍ مجاورة للعب (القمار) وكانت زئة
لا شك فيها، يقول الأستاذ (1):
"كنا نصرفُ الساعات نقامر، وأخسرُ احياناً، فابيعُ بعض ما معي
من متاع، وأبي لا يعلم شيئأ من ذلك الو كان يعلم) وأساتذتي لا يعلمون
من أنا حتى يعلموا إن كنتُ حضرت أو غبتُ، وأذهبُ إلى بيتي مدّعياً أني
قضيتُ الوقت كفه في التحصيل. ولكن تنبه ضميري بعد أشهر، وفهمتُ أ ن
هذه ا لحا ل تُؤدي إلى سوء ا لما ل، فتركت صحبتهما وا لتفتّ إ لى در وسي ".
وأظن مسألة القمار هذه كانت سحابة صيف انقشعت بسرعة، لأنّ
الذين عاصروا أحمد أمين في عهد الطلب بالأزهر قد ذكروا ما يدلّ على
اجتهاده البالغ، وتحصيله الجيد، فقد كان زميلاً للأستاذ (إبراهيم مصطفى)
عميد دار العلوم الأسبق في الدراسة الأزهرية وقد تحدّث الاستاذ إبراهيم
عنه بما يدل على أنّه كان قدوةً بين زملائه، وهذا ما رشّحه للنجاح في
مسابقة وزارة المعارف، فعُيق مدرّساً بمدرسة (را تب باشا)، ثم ما رشّحه
للالتحاق بمدرسة القضاء الشرعي في مسابقةٍ عسيرةٍ شاقة لم يفز فيها
(1) حياتي، ص 60.
غ ا ا

الصفحة 114