كتاب أحمد أمين مؤرخ الفكر الإسلامي

على أخذها في الزوال، والحقّ أحق أن يقال من غير اعتبار للومِ لائم،
أو اتهام متهم، فإذا راى راءٍ أنّ في هذا عيباً وتشهيراً، رأيت أنّ في هذا
مفخرةً للمصريين إذا نظرنا إلى أين كانوا وإلى اين وصلوا؟ فهذا الكتاب
يمثّل مرحلةً زالت او هي على وشك أن تزول، كما يُمثل أقةً طفرت إلى
استعمال العقل، بعد الإغراق في الخيالات والاوهام!.
وهذا كلّه حق، ولكنّي ألحظ أن الأستاذ أحمد أمين كان مثل عتيد
كاتب السيئات في أكثر أحواله، ولم يكن كرقيب كاتب الحسنات، إذ من
العادات المصرية حينئذ ما كان يُحمد مثل صلة الأرحام، والعطف على
الفقير، وبناء المساجد والاسبلة، وتشجيع الكتاتيب التي تعمل على حفظ
القراَن، والتكافل التام عند وقوع الدواهي مثل الحرائق والسيول، وكثيرٌ
من هذه المحامد التي يجب أن تُسجَّل جوار هذه النقائص، وقد أشار
الأستاذ إلى بعضها باقتضابٍ، ولكنّه لم يبلغ في ذلك مبلغ الإنصاف
المنتظر. . .
والكتاب - بعد ذلك كله - سجلٌّ حافل بالأحوال الاجتماعية،
والتقاليد الشعبية في مدى عصرٍ ممتدٍ كاد أن يرحلَ ليعقبه صبجٌ جديدٌ.
4 - ا لنقد الأدبي
نُشر هذا الكتاب بعد تأليفه بربع قرن، إذ بدأ المؤلّف إملاءه على
الطلاب من سنة 926 ام، ثم رأى ان يخرجَ إلى النور سنة 951 ام، وفي
هذا الأمد ظهرتْ كُتم! جامعية تتحدّثُ عن موضوعات النقد ا لأدبي راجعةً
إلى مسودات المؤلف، لأن أصحابها زملاؤه بالكلية، ولكتهم أضافوا
الكثير، وحقلوا وعلّلوا على نطاقٍ أوسع، فأصبح من يطالع الكتاب عند
124

الصفحة 124