بعضه مع بعض؟ وكيف يتأئر بعضُه ببعض؟ وكيف يلتقي الإنسان بالإنسان
في مشارق الأرض ومغاربها؟ وكيف يفترق الإنسان هنا وهناك؟ فيرحُبُ
صدرُه لتلقي النقائض والأضداد، وتنفسحُ نفسُه لتلاقي الأكفاء وا لأنداد.
وهذا القارى في حاجة إلى شيءٍ جديد يجده في هذا الكتاب، في
حاجة إلى فهم جديد لمعنى التجديد الفني، فقد وقرَ في أذهان الكثيرين
منا انّ التجديد الفنيّ معناه الابتكار المطلق، في اصل الأحاسيس وفي
طريقة الأداء، فإذا استفاد لاحقٌ من سابق فسرعانَ ما نصيج به: سارق،
مكرِّر، لم يأت بجديد.
ففي قضة الأدب العربي يجد القارى شيئاً كثيراً عن تأثر فرجيل
الروماني في (الإنيادة) بهوميروس الإغريقي في (الإلياذة) و (الأوديسة)،
وتأثّر ولغرام الألماني في (برسغال) بكرتيان دي تروا الفرنسي في (الوفاء
المقدس)، ونرى كيف أنّ قصّة (ترستان) الاكمانية لجو تفريد هي فرع من
قصة آرثر الإنكليزية وهكذا.
فالتجديد لا يعني حتماًابتكار الموضوع، فقد يتحقق بالتجديد في
أوضاعه واختلاف السمات النفسية التي يصوّرها جيلاً بعد جيل.
خطوة واحدة إلى الأمام في أقي فن كفيلةٌ بأن يعدّ صاحبها من
المجددين، وهذا تسامح جميل يشجع المجددين المترددين.
وقد استعان المؤلفان بالدكتوريْن (عبد الوهاب عزام) و (يحيى
الخشاب) في الحديث عن تاريخ الأدب الفارسي حين كتبا هذا التاريخ
بدقة وإيجاز.
127