وصعاليكُ العرب في مرتبةٍ سامية عند أحمد أمين، فقد تحدّث
عنهم حديثَ المعجب في مقالاته بفيض الخاطر، وخصّ منهم (عروة بن
الورد) بمقال جيّد نشره في الجزء الخامس من (فيض الخاطر).
وقد تحدث عن الصعلوك بمعنييه، معناه الرفيع عند أمثال عروة،
ومعناه الوضيع لدى الكسالى الذين يتكفّفون الناس، فقال عن عروة: إنّه
كان اشتراكياً عمليأ، لا اشتراكيأ نظريأ، فقد حمل عبء الفقراء في قبيلته،
واَلى ألاّ يستريحَ أو يجدوا كفايتهم، وألّف منهم فرقةً تعمل معه، وتسعى
سعيه، وما نالوه فهو للجميع، وجالَ هذا المجال في كتابه الصغير.
أما (حديث الفتوة) فقد امتدّ ليشمل معنى اللفظ وتقلّبه على الأجيال
من مدلولٍ إلى مدلول، مستشهداً بالشعر العربي على ما يقول، ومحدّدأ
معنى الكلمة في الجاهلية، وتطورها في الإسلام، وذاكراً من النصوص
التاريخية ما يحدّد معنى الفتوة في تطورها الجديد.
وقد اتّسع المعنى في العصر العباسي اتساعاً يمتد بالفتوة إلى معاني
المروءة والنبل والكرم، وما يدور حول بسط الكف وهمة النفس.
وللصوفيين معانٍ في الفتوة، وقد ألفت فيها كتب خاصة، فاختار
أحمد أمين من هذه المعاني ما مثّل له، واستشهد بقائليه، ونقل شعراً
جميلاً عن (محعى الدين بن عربي) في هذا الباب سجّله في كتاب (الفتوحات
المكية).
وانتقل من حديث الفتوة العابدة الذاكرة إلى اصحاب الفروسية
المنظمة، وأصحاب الألعاب الرياضية ذات الجهد البدني، والتفوق في
مسارح الصيد والطرّد، مقارناً بين فروسية العرب، وفروسية الفرس،
137