! ثاره في النشر وإلتحقيق
1 - ديوان حافظ ومقدمته
لم يكنْ في خطة أحمد أمين أنْ يكونَ ناشراً محفقاً، فقد جعل من
همّه في عنفوان شبيبته العلمية أن يكونَ مؤرّخاً للحياة العقلية في الإسلام،
ثئمَ حمله ظهورُ مجفة (الرسالة) معبّرةً في أول أمرِها عن تيار الجنة التأليف
والترجمة والنشر) أن يكون كاتباً دائماً يعالجُ شؤون الفكر والاجتماع
والعاطفة.
ولكنّ أمراًاعترضَ حياته الأ دبية، فوجّهها توجيهاًاَخر لايتعارض مع
اتجاهاتها المتصلة في مضمار التأليف، هو أنّ وزير المعارف الأستاذ
(زكي العرابي باشا) أرسل إليه راجياًان يقومَ بنشر ديوان (حافظ إبراهيم)
بعدَ جمعه من مئات الصحف والمجلات المختلفة، وهو أمرٌ يحتاج إلى
عمل متّصل، لأنّ المسألة ليست مسألة مخطوطةٍ تُهيّأ للنشر، بل مسألة
استقصاءٍ، وتتبّع في دوريات يمتد زمنها إلى قرابة نصف قرن! وهنا نهض
الأستاذ بتحمّل هذا العبء، واختار زميليْه الأستاذيْن أحمد الزين وإبراهيم
الإبياري شريكينْ في هذا الجهد، وقد انفردَ بكتابة مقدمةٍ بارعة عن حياة
حافظ وأدبه، كانت المصدرَ الأوّل لكثير من الدراسات اللاّحقة، حيثُ
كشفتِ الستار عن حقائق كانت كالمجهولة من الناحية التاريخية، ووضعَت
الخطوط الرئيسة لكتابة بحث تحليليّ يحدّد مقام الشاعر بين شعراء جيله،
والغريب أنَ بعض من اتكئوا على مقدمة أحمد أمين، واستهلكوا أفكارها
دونَ الإشارة إليه، تلمّسوا السبيل إلى نقْده نقداً متعسّفاً، دُون ضرورةٍ
140