كتاب أحمد أمين مؤرخ الفكر الإسلامي

وبخاصةٍ تلك الصرخة المدؤية التي أطلقها في كتاب (الإمتاع والمؤانسة)
مناشداً الوزيرَ أن يُغيثه مما هو فيه من شديد البلاء، وعظيم النقمة، ولكنّ
قارى كتب أبي حيان في مستوياتها المختلفة يرى الفكاهة التي تنسب إلى
الجاحظ ذات نظائر فيما سجّل ابو حيان في مؤلفاته المنشورة لدينا، وقد
أكّد ذلك الدكتور زكريا إبراهيم حين قال تعليقاً على قول الأستاذ أحمد
أمين في مقدمة (البصائر والذخائر) (1):
" ولكن الواقع أنً أبا حيان - على الرغم من بؤسه، وكثرة شكاته-
كانَ ميّالاً إلى الهزل والدعابة، فضلاً عن أئه كان أعرفَ الناس بقيمة
الفكاهة في حياة البشر، وهو نفسُه يقول في أحد المواضع: إيّاك ان تعافَ
سماعَ هذه الأشياء المضروبة بالهزل، الجارية على السخف، فإئك لو
أضربتَ عنها جملة لنقص فهمك، وتبلّد طبعك، واجْعل الاسترسالَ فيها
سلماً إلى جدك، فإئك متى لم تُذِق نفسك فرحَ الهزل كَرَبَها غئمُ الجد، وقد
طُبعت في أصل تركيبها على الترجيح بين الأمور المتفاوتة، فلا تحمل في
شيء من الأشياء عليها فتكون في ذلك مسيئاً لها".
وأخيراً أقول: إنّ أحمد أمين لم يؤ لّف كتاباً خاصاً بأبي حيان،
ولكنْ لو جُمع ما كتب عنه في مقدّمات (الإمتاع والمؤانسة)، و (الهوامل
والشوامل) و (البصالْر والذخائر) وما حكاه عن أستاذه ابي سليمان
المنطقي وعلاقته به في (فيض الخاطر) لاجتمعَ من ذلك كتاب مفيد.
7 - خريدة القصر وفريدة العصر
اشترك الدكتور أحمد امين والدكتور شوقي ضيف والدكتور إحسان
(1)
أبو حيان التوحيدي، أديب الفلاسفة، وفيلسوف الأدباء، للدكتور زكريا
إبراهيم، ص 8 4 2.
152

الصفحة 152