كتاب أحمد أمين مؤرخ الفكر الإسلامي

مصر، وهي مجموعةٌ من الأعلام الفضلاء في العلم وا لأدب والتربية وذوي
التوجيه القيادفي في دنيا الفكر، وكفُهم مُجمعون على تقديمه ورئاسته،
وكقُهم اصدقاؤُه الذين يُباهون به، ويعدّون رضاه موضع الارتياح والثقة،
وما اجتمع هؤلاء الأعلام على اختيار (احمد امين) لرئاسة لجنتهم الموقّرة
إلا لما لمسو 5، لا مِنْ كفايةٍ إدارية وعلمية فحسبْ، بل من كفايةٍ خُلفية
تهدف إلى المثل الصالح، وتعتصم بالعدالة الدقيقة، حتى عُرِف فيما بينهم
بالعدل لكثرة ما كزَر هذه الكلمة، ملتزماً حدودها الفاصلة، وقد أورثَتْه هذه
الصفة شيئاً من المهابة لدى القوم، وليست مهابةَ الرئيس المتعالي، بل مهابة
الرئيس الطيّب، الذي وصفه العربي القديم بقوله في أخيه:
إذا ماتراءا 5 الرجالُ تهيبوا فلم ينطقوا العوراءَ وهو قريبُ
وليس هذا الكلام من قبيل المبالغة، لأنّي أتحدث عن واقعٍ ملموس،
واقعِ كوكبةٍ من الفضلاء ذوي العلم والراي والنباهة، يُجمعون على تقديم
أحدهم في مدى أربعين عامأ، وكأنَّه إمامُ مذهبٍ هم تابعو 5، ولن يكون
ذلك إلا لاستحواذه على عناصرَ أصيلة من عناصر الكمال ا لإنساني.
ولأضرب المثلَ لبعض ما أعنيه، فإنني أستشهدُ بقول أستاذٍ كبير
من رجال الفكر والقانون في العالم العربي يرثي صديقه أحمد أمين، فقال
عنه مصؤراًالواقع دون افتعالٍ، قال الدكتور عبد الرزاق السنهوري (1):
"لقد عجبتُ من أنَ صديقي أحمد أمين كان قد أقصيَ عن مدرسة
القضاء الشرعي من أجل مبدئه، ومن أجل وفائه لأستاذه عاطف بركات،
وكنتُ اعلم إلى جانب ذلك أنه كان معروفاً بحئه للوفد، أثيراً عند زعيمه
(1) أحمد امين بقلم أصدقائه ببعض الاختصار، ص 0 7.
18

الصفحة 18