هذا عن الشخصية الخُلقية التي أثرت في تكوين أحمد أمين، اما
الشخصية الإصلاحية العظيمة التي كانت منارَ أحمد أمين في مذهبه
الإصلاحي علماً وسياسةً وتربيةً، فهي شخصية (الإمام محمد عبده)، هذا
المصلح الكبير الذي لم يحضر أحمد أمين من دروسه بالأزهر غيرَ دَرسَين
اثنين من دروس التفسير، كما ذكر ذلك، ولكن إلمامه بسيرته، وتتئعه
لمواقفه، وإيمانه برجولته، قد جعلَه إمامَ العصر في رأيه، وكثيراً ما تحدَث
عنه في مناسباتٍ كثيرة، يجدُ القارى دلائلها في صفحات كتبه المتعددة،
وقد خضَه بترجمةٍ حافلة في كتاب (زعماء الإصلاح في العصر الحديث)،
وسأحفله فيما بعد مع ما اشتهر من مؤلفاته، ولكئي ألحظ في مقالات
احمد امين الإصلاحية أثرَ الإمام واضحاً، وليس في ذلك ما يعيبُ الخالفَ
الصالح إذا نهَجَ نهْجَ السالف الصالح، فقد نشأت حركة الإصلاح الديني
في مصر متشبِّعةً بآراء الأستاذ الإمام، ومقتبسة من روحه، حتى الذين
كانوا يعادونه أكبرَ المعاداة قد عرفوا فضلَه بعد رحيله، مثل الإمام الكبير
الشيخ (محمد بخيت المطيعي) الذي وصفَهُ بالإمامة والقدوة بعدما سلخَ
دهراً في معارضة آرائه، فلم يكن أحمد امين بدْعاً في تشزُب آراء الإمام
وفي انتهاج منهجه، وقد قال عن الإمام ما ظل أحمد أمين يبدئ ويعيد فيه
متأثرأ بنظراته الإصلاحية، أجل قال في الإمام ما يصلُحُ أن نقوله في أحمد
امين الاَن، قال (1):
" أشعرَ المسلمين ائهم يجب ان يهئوا من رقدتهم لإصلاح نفوسهم،
وتكميل نقصهم، وألا يعتمدوا على الفخر بماضيهم، بل يبنوا من جديد
لحاضرهم ومستقبلهم، ودعا إلى أنَ العقلَ يجب أن يُحَكَم كما يحكَم
(1) زعما ء ا لإ صلاح، ص 337.
24