وتدبير أحوال الأرض، ومن السنن أنَّ الرؤساء إذا طغوا، ولم يأخذ
العقلاءُ على أيديهم كان مصيرُ الدولة الفناءَ " وَمَا! انَ رَئبثَ لِيُفلِثَ
اَئقُرَى ظتم وَأفلُهَامُضلِحُوتَ" أهود: 17 1).
ومن سنن الله في الكون أن تجنحَ الامة للوحدة والاتحاد، فإذا
تفرَّقت شيعاً وأحزاباً كان البأسُ شديداَ حين ينزل بها، أما إذا توحَّدت في
الخير والتعاون، فقد زال البأسُ، وحلَّ الرخاءُ. هذ 5 أوائل سنن اللّه في
خلقه ولن تجدَ لسنّة الله تبديلاً. .
* التضحية:
ويبحث الكاتب عن وسائل ارتقاء الأمة الإسلامية، فيجدُ التضحيةَ
من أهمِّ هذه الوسائل، ويرى انها أصبحت من النّدرة بمكان، وأنَّ الدعوةَ
إليها فرضٌ محتوم، وقد توسَّع في معناها على نحو ما نجدُ في قوله (1):
"ليس مظهر التضحية مقصوراً على الجنود في مواقف القتال،
فليس هذا إلا مثلاً عالياً من أمثلة التضحية، ولكنْ هناك امثلةٌ عديدةٌ في
الحياة اليومية لكل فرد، فالذي يتنازلُ عن لذته الفردية الضيّقة للمصلحة
العامة الواسعة، يكون مضخياً على قدر ما بذل، والموطف الذي ينال
شيئاً من العَناء لراحة الجمهور مضحٍّ، والغنيئُ الذي يتنازل عن بعض
لذائذ 5 لخير الناس مضخّ، والمزارع الذي يرعى حال فلاَّحيه مضحٍّ،
وعلى قدر انتشار هذ 5 الروح في الأمة يكون مقدارُ رُقيِّها ونجاحها.
فلا تفلحُ أمةٌ يبحثُ افرادُها عن لذائذهم الشخصية فقط، مهما
حَسُنَ تشريعُها، وصَلُحَ قادتها، فشَرِّعْ ما شئتَ لتنظيم التموين، فلن
(1) فيض الخاطر: 3/ 232.
27