تنجحَ ما دامَ كل فردٍ لا ينظرُ إلا إلى شخصه، وشرِّع ما شئتَ لتنظيم
الضرائب، فلن ينجج مع محاولة الا! راد الهربَ منها، وشرِّع ما شئت
لإصلاح الفلاّحين فسيظفون كما هم، ما دام التشريعُ لا يلقى مجاوبةً من
نفوس القادرين، ولا تكون التضحيةُ حتى يتعؤَد القلبُ لذةَ العطاء كما
يتعؤَد الأخذ، ويسعد لسعادة الناس، كما يتعؤَد ان يسعد لهناءته ".
القومية والعالمية:
وقد قام دعاه القومية في الغرب يشيدون بالقومية، مع انها ارتفاعٌ
بالوطن على غيره، وهتافٌ للوطن بأن يسودَ ويسيطرَ على ماعداه، وبسبب
هذه القومية قامت الحرب العالمية، فأهلكت الحرثَ والنسل، وانتقلت
العدوى إلى الشرق، فوجد من كتّابه من يهتف بالقومية على أنها سزُ ارتقاء
الأمة، دون نظرٍ إلى الأمم الاخرى، وألّفت الكتبُ والأنالثسيد داعيةً إلى
استعلاءٍ قوميٍّ يوحي بالبغضاء بين الشعوب.
ولكن النابهين من القادة يعرفون ما جزَت ألقوميةُ على الإنسانية من
نكبات، ويرون الإخاءَ الإنساني أولى بالدعوة والتأييد على أنه في الواقع
لا تعارضَ بين القومية في فهمها المعقول وبين العالمية، وهذا ما دعا إليه
أحمد امين، وكزَرَهُ في عدّة بحوثٍ لا نستطيعُ الإشارةَ إليها، بل نملك ا ن
نختار منها مثل قوله (1):
"لقد رقى شعورُ الإنسان، وسما عقله حتى وفَّق بين مصلحته
الشخصية ومصلحة أسرته، ثم رفي شعوره، وسما عقله حتى وقق بين
مصلحة أسرته ومصلحة امته، فلماذا لا يخطو العالم الإنساني خطوةً
(1) فيض الخاطر: 3/ 111.
28