أخرى في الرقيّ، فيوحِّد بين خير الأمة، وخير الإنسانية، ويرى خيرَ الأمة
من خلال خير ا لإنسانية، ولا يرى الخيرَ لامته إذا تعارض مع خيرا لإنسانية.
إن المصائبَ التي يشهدها العالم، والفجيعة الفظيعة التي يئن بها
في الأنفس والأموال والثمرات ستقزَبه من هذ 5 الغاية، وسيتمُّ هذا الأمل
لو وفقَ قادة السياسة، فنظروا إلى العالم من علٍ، ومزجوا نظرتهم المادية
بنظرةٍ روحية، وشعورهم القومي بالشعور الإنساني، وفكرتهم العلمية
بفكرةٍ فلسفية أرقى ".
هذا ما كتبه احمد امين منذ نصف قرن (1)، ولكن لم يتحقق، لأنه
أَمِلَ خيراً في قادة الغرب، غافلأ عن انهم انانيون، يتحدثون بالمساواة
والحرية لأممهم وحدَها، بل يتحدث كل زعيبم منهم ناظراً لأمته فحسب،
وبذلك خابَ الاملُ، وفشلت رسالةُ هيئة الأمم المتحدة، كما فشلت
رسالةُ عصبة الأمم من قبلُ!.
الإلحاد وأسبابه وأئر الدين في الحياة:
حلل الأستاذ بواعث موجة الإلحاد التي عفَت أوروبة في القرن
التاسع عشر، وبئن ما أذَت إليه من قلق النفوس، واضطراب الحياة، وعلم
أن أثرها قد امتذَ إلى الشرق تقليداً ومحاكاةً لا اقتناعأ ويقيناً، فكان من أثر
ذلك أنْ فشت المقابحُ والمنكرات من قمارٍ وخمرٍ وتبزُجٍ شانى وانهماكٍ
في الملذات، ونظر الملحدون فإذا هم قد فقدوا جُسومهم الصحيحة، بعد
أن فقدوا إيمانهم المريح، وإذا هم قلقون حائرون! فصاح بهم الدكتور
أحمد امين طالباً أن يرجعوا إلى الدين الصحيج إذا أرادوا الشفاء، و اسهبَ
(1) كتب المقال أثناء الحرب العالمية الثانية.
29