في هذه الناحية إسهابَ المحامي المكين، الذي ملأ يدَه من براهين قضيته،
وآمن بعدالتها عن جزمٍ لا يعرف التردد، فقال للذين يولّون ظهورهم للدين
تقليداً ومحاكاةً:
إنَ الدين يدعو إلى إجلال إلهٍ خلقَ العالم ودثره، قويٍّ نستمدُّ منه
القوة، عظيمٍ نستمدُ منه العظمة، ذي كمالٍ تستمدُّ منه الروحُ كل صفات
الكمال، هو للعالم كإرادتنا فينا، يدعو إلى التسامج لا إلى التعصُّب،
وإلى العفو لا الانتقام، وإلى الحبّ لا الكره.
وقد يصلُ بعض الناس في الدين إلى حمث الله كحبِّهم انفسهم أو أشدَ
حباً، ويُعجبني في ذلك قولُ الرسول ع! ي!: (انعمَ العبدُ صهيمب، لو لم يَخَفِ
اللهَلم يعصِهِ ".
إنَ الدين الحق يوشَع النظر، ويُحيي الضمير، ويهدم الأنانية الفردية
وا لأنانية القومية، لتحل محفَها عاطفةُ الأخوّة العالمية.
إنَّ أهئمَ وظيفةٍ للدين الحق أن يحوَل العاطفةَ من انانيةٍ شخصية إلى
عاطفةٍ إنسانية تتجه إلى تحقيق الخير العام، وهذا الغرضُ يدعو إلى تغيير
برامج التربية في العالم من أساسها، ووضعِ اساسٍ آخر هو حثه دئه، وحبُّ
الإنسان للإنسان من غير تفريقٍ بين جنسٍ وجنس، وامةٍ وامة، ولغةٍ ولغة
ودينٍ ودين! وهذا ما ينقص العالمَ اليوم.
تحذيره من المدارس التبشيرية:
كما كان له موقف! حاسمٌ من انتشار المدارس الأجنبية في بلاد
الإسلام، فلم يُخدَع بما تتَشح به من منظرٍ خادع، وكتبَ مراراً في محاربة
التعليم الأجنبي، وهو ما بُحَّ في الحديث عنه الوعّاظُ على المنابر، ولكن
حديثَ الوعاظ كان يقابَل بالهجوم الظالم من ذيول المبشّرين في الصحف،
30