كتاب أحمد أمين مؤرخ الفكر الإسلامي

من التعسف والافتعالى، فنحن في حاجةٍ إلى أن نتعفَم كيف نُبعد أهواءَنا
عن ميدان الجدلى، لنصلَ إلى الحقِّ من أقرب طريق.
1 - مع العقاد:
كانت صفحة النقد بمجلة (الثقافة) إحدى ميادين الجدلى التي يرتادها
أحمد أمين، وقد تعمَّد الإيجازَ الهادف، لأنه يتحدث غالباً في المقالى
الواحد عن أكثر من كتاب، ومن جولاته في هذا المجالى ما ناقش به الأستاذ
الكبير (عباس محمود العقاد) ناقداً كتابَه (عبقرية الإمام)، إذ بدأ نقدَه
بإشارةٍ خاطفة إلى ما ذكره من قبل عن عبقريتَي محمد وعمر، ليصلَ إلى
الكلام عن عبقرية الإمام فيقولى (1):
"كل ما لاحظناه من فرقِ أنَّ المؤلفَ الفاضل إنْ كان في كُتبه الاولى
فنّاناَ وقاضياً، فهو في هذا الكتاب محامٍ اولاً وفئانٌ ثانياً، فقد تعرَّض
الكتاب إلى الدفاع عن الإمام علي في مواقف النزاع مع خصومه، اكثر مما
تعرَّض لرسم شخصيته، ولعلَّ جؤَ الكتابة في عليئً رضي اللّه عنه قد قضى
بذلك، فقد كانت حياتُه السياسية نزاعاَ لم ينتهِ حتى بالموت، فقد ظفَت
الخصومةُ بين انصاره وخصومه قائمةً حتى اليوم، تتخذُ شكلَ حربٍ
بالسيف، فإذا اُغمد السيف قامت خصومةُ الكلام، فيظهرُ أنَّ طبيعةَ الجو
أثَّرت في المؤلف الفاضل، فاتَخذ في ذلك موقف المدافع المناضل.
واخذُ على المؤلف اعتماده أحياناً على ما رُويَ من غير كبير نقدٍ،
كاعتماده على كثيرِ مما رُويَ في نهج البلاغة، كوصف الخفاش والطاووس
ونحو ذلك، وفي رأي أنه لو عُرِضَ على محك النقد من مقارنته بالأساليب
(1) مجلة الثقافة - العدد (254) -9/ 1 1/ 1943 م.
33

الصفحة 33