كتاب أحمد أمين مؤرخ الفكر الإسلامي

هذا الجزمُ الاكيدُ قد قام الدكتور عزام بتفنيده، ونجدُ من النفع العام
لتاريخ الفلسفة ان ننقله جميعه، إذ لا يزالُ بعض الدارسين في الجامعات
العربية يتناقلونه، وكأته شيءٌ بدهيئ:
يفول الدكتور عزام (1): "فأمّا ادعاءُ أنَ الفلسفة على هذا النحو لم
تنشأ إلا عند اليونان، فهو مجازفةٌ، ولو اطلعْنا على فلسفة الهند مثلاً
لاقتصدنا في هذ 5 الدعوى، ولعلَّهما يُسمعان (2) (الناس) عفا قليلٍ بقصة
الفلسفة الشرقية كما أسمعا الناسَ قصة الفلسفة اليونانية.
وقد ذكرا في اول الفصل الثاني أنَّ فيثاغورس رحل إلى مصر، وإلى
بلاد الشرق، وقالا في اَخره: " وأنتَ ترى من ذلك انهم (الفيثاغورسيين)
خَطَوْا بالفلسفة خطوةً جديدة نحو التفكير المجزَد، فبدأت الفلسفةُ منذ
ذلك الحين تتحفَل بعضَ الشيء من تلك النزعة الطبيعية التي سادت عند
فلاسفة (أيونية) لتستقبلَ صبغةً جديدة، هي صبغة الفلسفة في أصح
معانيها، أعني التفكيرَ المحضَ فيما وراء الطبيعة وظواهرها".
وقالا في الفصل السادس: " إن ديمقريطيس كان واسعَ العلم، راغباً
في تحصيله رغبةً حارةً. . . وقد حفزته تلك الرغبة الملحّة في التحصيل
إلى الرحلة في أقطار الأرض، فزار مصر، وجاسَ خلالها، وعزَج على
بابل، وطاف بأنحائها، فإذا كان فيثاغورس الذي تعفَم في مصر، ورحل
إلى الشرق قد نحا في الفلسفة منحًى جديداً، وارتقى بها إلى التفكير
المجزد الذي هو أقرب إلى الشرقيين، فلِمَ نجزمُ جزماًانَّ فلاسفة اليونان
(1)
(2)
مجلة الرصالة - العدد (98) -: 0 2/ 5/ 935 1 م.
المؤلفان أحمد أمين وزكي نجيب محمود.
42

الصفحة 42