كتاب أحمد أمين مؤرخ الفكر الإسلامي

ان تكون لهم في الشعر أوزانٌ خاصة، تتفق مع لغتهم فلفا جاء الإسلام،
ونزل القرآنُ بلغة قريش أهمل الرواةُ ما كان خارجأ عن قواعد هذه اللغة
وا وزانها ".
والذي يهدم هذا ا لاتجاه من اساسه هو الترحيبُ المطلق الذي وجَدهُ
مثل ح! ان من الغساسنة ومثل النابغة من المناذرة، إذ لو كان لهذيْن لغة
خاصّة غير لغة قريش ما ابتهجوا لما قال الشعراء فيهم من المدائج، ولما
انزلوهُم أحسن المنازل من التقدير والحفاوة، ولما تردد شعرهم بين
السفار في بلاطي الدولتين.
ثم إنّ لغة قريش إذا كانت مستقفة عن اللّغات، يُفترض فيها والحال
كذلك ألاّ تكون لغة النابغة في ذبيان، ولغة حسان في المدينة، إذ ليس
السْاعران قريشيّيق حقّاَ! مما يدلّ على أنّ العربية التي نزل بها القراَن شد
امتدت إلى كلِّ صقعٍ عربي! فافتراضُ لغتيْن غير ما ينطق به أبناء الجزيرة
وهمٌ لا حقيقة له، والمناذرة كانوا يغشون القبائل الضاربة في الجزيرة مع
جنودهم وأشياعهم، فبأيّ لغة كانوا يتكفمون مع العرب، والغساسنة
كانوا يفتخرون بأ مداحهم، ويرسلون إلى كبار ا لشعراء من يُغريهم با لحضور
حتى بذلوا للنابغة ما بذلوا كي يخضهم وحدهم بأمداحه، وقد استجاب
لهم حين ضاق به الأمرُ مع النعمان!.
وقد تساءل احمد أمين عن الزقة التي يجب أن تكونَ في بلاط
المُترفين؟.
ولو قرأ قصيدة المُنخل اليشكري في (ديوان الحماسة) الذي أشرف
على تحقيقه مع الأستاذ عبد السلام هارون لوجد المثل الرائع لهذا الشعر
الحضري المنشود؟
53

الصفحة 53