كتاب أحمد أمين مؤرخ الفكر الإسلامي

وقد أعاد أحمد أمين هذا الموضوع في (ضحى الإسلام) على نحوِ
مقا ربِ!.
ويلتم المؤلَفُ بعدَ ذلك بفصول! طريفةٍ عن حياة العرب في الجاهلية
وأثر البيئة العربية في تكوينها، وعن مظاهر الحياة العقلية، ودلالة اللغة
العربية بقصصها وأمثالها وشعرِها على عقلية العرب، وكل ما قاله الأستاذ
في هذا النطاق جيد قوفي.
فإذا انتقلنا من العصر الجاهلي إلى عصر ا لإسلام، فإثنا نجد المؤلف
قد بلغَ غايةَ التوفيق في أكثر ما كتب، حيث وازن بين الجاهلية والإسلام،
وأوضج أثر ا لإسلام في نهضة العرب، وتحدثَ عن الفتح ا لإسلامي وعملية
المزج بين الأمم، والمّ إلماماً شافياً بالحركة العقلية والاجتماعية لدى
البلدان المفتوحة، فتحدّثَ عن دين الفُرس بإفاضةٍ، وعن الادب الفارسي
وأثرِ 5 في الأدب العربي وعن التأثير اليوناني والروماني، وعن السبب في
تأثر العرب بالأ دب الفارسي أكثر من تأثّرهم بالأ دب اليوناني، وعن نواحي
تأثير اليونان في ا لادب العربي، وجاءَ بصائبِ الرأي، ودقيقِ النظر.
وهنا نصلُ إلى أبدع أبواب فجر الإسلام وأقواها، وهو البابُ
الخامِسُ الخاصن بالحركة العلمية في القرن الهجري الأول! وما وليه من
أبواب.
والحقّ أن تاريخ التأليف العلمي المنسق على سنن منطقي لم يشهدْ
قبلَ أحمد امين من أبدع في هذا المجال! أقوى الإبداع، إذ كان حديثُه في
هذ 5 الأبواب فتحاً جديداً، نبّه الادهانَ إلى طُرُقٍ في التأليف لم تكنْ
معهودةً من قبلُ.
57

الصفحة 57