وكيلا يظن القارى أني ابالغُ في إعجابي بهذا الباب، أعرضُ عليه
كتاباً سابقأ في هذا المجال كتبه ا لأستاذ الكبير ا لشيخ (محمد الخضري) وهو
أستاذ أحمد أمين، إذ كان تلميذاً له بمدرسة القضاء، ونهل من علمه
وفضله، هذا الكتاب هو كتاب (التشريع الإسلامي) وقد كتبه محمد
الخضري رحمه الله على غير نهجٍ سابقٍ، إذ كان مبتدع خطته، ووفق إلى
جمع خيوطه في براعة أرجو أن يجد ثوابها عند ربِّه! هذا الكتابُ القيم إذا
قُورن بما كتبه أحمد أمين في فصولِ التشريع في (فجر الإسلام) و (ضحى
الإسلام) و (ظهر الإسلام) يُعد فجرًا أتى بعد 5 الصبح المُسْرق، وإذا كان
للخضري رحمه الله فضّل الريادة والسبق، فلأحمد أمين فضل الإتقان
وا لإحكام!.
أما الباب الأخير باب الخلافة وما تفرع بسببها من ا لاحزاب السياسية
كالخوارج والشيعة والمرجئة والقدرية والمعتزلة. فكفه جديد في طريقة
تناوله، وأقول طريقة التناول، لأن اراء الكلاميين ذائعة مشتهرة. ولم يأتِ
بها أفيُ مؤرخٍ من عنده، ولكن البراعة كل البراعةِ في تسلسل البحث واطراد 5
وتماسكه، وكلّ ما كتبه أحمد أمين في هذا المجال أصبج المرجعَ الأول
لمن تلا 5 من الباحثين، ولعلّ توفيقه فيما كتبه - بعد - في الضحى كان أشمل
واوسعَ حيث اتسعت دائرةُ الخلاف بين اهل السنة وخصومهم إلى مدى
متطاول، صالت فيه الاَراء كالسباع الضارية في حلبات الجدال، واحمد
امين من وراء هذه الآراء يشرحها ويحفلها ويحكم عليها بما يرا 5، وإذا انحاز
إلى فريق ما، فبدليله الصارم، ولمخالِفه أن يدحض قولَه، فمجال البحث
يتسع لمعاودة النقاش!.
59