كتاب أحمد أمين مؤرخ الفكر الإسلامي

لهذه الثقافة المتشعبة، وهذ حق، ولكنّه أضاف إليه (ابنَ قتيبة)، لما رأى
من التفاته إلى اقوالٍ أجنبية سجلها في كتبه.
ولعلّي أجدُ لدقي من الاعتراض ما يدفعني إلى تقرير أن ابن قتيبة
مهما أكثر من اقوال هؤلاء، فقد كانت روحه بمنأى عما يسطر، ولم يظهر
لذلك اثر في منهجه التأليفي، وآرائه الفكرية.
اما الجاحظ فهو الجاحظ وكفى! وقد استدذ المؤلف على تأثر ابن
قتيبة بالثقافة الوافدة بما ذكره في (عيون الأخبار) من حديثٍ عن السلطان
والحكم، وبما نقل عن الزهد وعن الأطباء والنباتات والحيوان، ولكنّ
ذلك كله معارف عامة لم يظهر أثرُها في إبداعِ العالم السني الدقيق.
ونأتي إلى الجزء الثاني وهو في راصيى من أقوى ما كتبَ الاشتاذ احمد
أمين في هذه السلسلة المباركة، فقد بداه بكلمةٍ عن قوانين الرقيئ للعقل
البشري بعامة، ليطتقها على الفكر العربي في صعوده المتوثب، موضحاً
ما انتهى إليه العلم في العصر العباسيّ من رقيّ افاضَ الاشتاذُ في تحليل
أسبابه، مبيناً وجهتي العلوم العقلية والنقلية في التدوين، وموضحاً مدى
حريّة الرأي في هذا العصر، كما رتّب الحديثَ عن معاهد العلم في العصر
العباسي؟ كالمكاتب والمساجد ومجالس المناظرة والمكتبات وبيت
الحكمة، وهي أمورٌ كانت وقائعها مبعثرةً بين كتب التاريخ والتراجم،
فجمع المؤلف شتاتها على نحوٍ ميسر، خاتماًالحديث بأثر المراكز العلمية
للحياة العقلية في عواصم الإسلام بالعصر العباسي على نحو ما فعل في
(فجر الإسلام) حين تكقم عن هذه المراكز في العصر الاموي.
ولا أستطيع أن أعئر عن اعتزازي الهائل بما كتبه الاشتاذ عن الحركة
العلمية بالتفصيل، حين تكفم عن الحديث والتفسير على نحوٍ لم يتهيأ من
71

الصفحة 71