وحسبُك مثلاً على هذا ما نراه في مذهب المعتزلة، فقد أبيدتْ كُتبهم،
وعدا خصومهم على اَثارهم، فإذا أردْنا معرفةَ اَرائهم لم نرها محكيةً إلا
في كتب أعدائهم، وهؤلاء في كثير من الأحيان لا يدلُون بحججهم في
قوة كالتي يُدلى بها أصحابها، فهم يُضعفون الدليل، ويُقوُّون الرد.
ثم إن اَراء الفرق في كتب الفرق مشوشة مبعثرة، قلَّ أن تربطها
وحد!، وقلَ ان يُعنى فيها بوضع الفروع بعد أصولها، فكنتُ إذا أحببتُ أ ن
أترجم لعلم من أعلام الفرق! (النظام) أو (العلأف) لم أر ذلك مجموعاً
في موضع، ولا مرتباً في مكان، فأضطر إلى جمع رأي من هنا ورأي من
هناك، فإذا تئم لي ذلك حاولت أن أؤلف منها شكلاً منظماً. فكنت أنجحُ
حيناً، وافشل حيناً، هذا إلى فوضى هذه الكتب في عرض المذاهب،
وغموض التعبير، ومزج القشور باللباب ".
وبعد حديث الاعتزال جاء حديث الشيعة والمرجئة والخوارج،
وما يقالُ عن اَرائهم المبعثرة في كتب الخصوم مثل ما يُقال عن اَراء
المعتزلة، فلله أي جهد بذل هذا الباحث الضليع!.
وإن كتاب (ضحى الإسلام) بأجزائه الثلاثة من أنفس ما كتبَ
ا لأستاذ أحمد أمين، وهو من ذخائر الفكر الإسلامي دونَ نزاع.
كلبم 6،جمل!
75