كتاب أحمد أمين مؤرخ الفكر الإسلامي

يُعطي القارى صوراً شتّى لضُروبٍ من المفاسد، قد تجسّمتْ وتعدّدت،
ولم يستطع معولٌ واحدٌ أن يقوم باستئصالها، فتعددت المعاول بتعدد
المصلحين.
وقد كان التسلسل الزمني في تتابع هؤلاء المصلحين سبيل الترتيب
التأليفي في الحديث عنهم، إذ بدا بالأقدم، ثم من وليه وفي هذا الترتيب،
ما يُعين على تتئع حلقات الإصلاح في سلسلته الممتدة، وما يُهعى السبيل
إلى مقارنةٍ بين السابق واللاحق حيناً، وبين أثر السابق في اللاحق حيناً
آخر، وقد يجتمع زعيمان معأ في زمن واحد فيكون السّبق في الوفاة أساس
السبق في الحديث، إذ لا شك في أن الخالف سيكقل بعض ما تركه
السابق، لذلك كان الكتاب على دسامته التاريخية. . . وفائدته التوجيهية
أشبه بقصّة ذات فصول متتابعة! والفصل الأخير منها يصلح لأن يكونَ
ابتداءً لقصة جديدة يكتبها مؤلف جديد، لأنّ فصول الإصلاح ممتدة
المشاهد، متعذدة ا لأدوار.
وأول مصلحٍ تحدث عنه المؤلف هو الشيخ (محمد بن عبد الوهاب)
ومركز الحديث عن رسالته الإصلاحية هو ما قام به من دعوةٍ إلى التوحيد
الخالص، ومهاجمته عوامل الانحراف في العقيدة السليمة، ودعوته إلى
فتح باب الاجتهاد في الأحكام الشرعية التي تتجدّد بتجدد الزمن، وما
وجد 5 من مناواةٍ في سبيل تحقيق منهجه لم تمنعه عن السير في طريق
الإصلاح.
وكعادة الأستاذ أحمد أمين في كلّ ما ألف من دراسات، لم يُخل
المتحدث عنه من وجه للنقد إذ راى الأستاذ (أحمد أمين) ان المصلح
الكبير مع جهاده الحافل المثمر قد وقف في دعوته عند تصحيح العقيدة
79

الصفحة 79