المحدئين من وضع احاديث ينسبونها إلى رسول اللّه لمجييه، وفيها الستم
القاتل، لروح العمل والإباء، ومن ضعف التربية والتقصير في إرشاد
الجمهور إلى أصول دينهم، ونشر العلم بينهم، ثم زاد أسباباً أخرى أهمها
تفكّك الروابط بين أجزاء ا لأمة، وترك الدعوة إلى الثورة والجهاد".
وقد كان (خير الدين التونسي) كمدحت باشا مجهولاً لدى القارى
العربي في غير تونس! وله إصلاحاتٌ سياسية ودينية واجتماعية تستاهل
الإيضاح، كما اصدرَ مؤلّفأ قيماً يرسمُ خطة إصلاحية، ويضع المنهج
الذي ينوي ان يسير عليه، ومثلُه لا يُجهل بين زعماء النهضة المعاصرة،
لذلك خصه أحمد أمين بدراسته.
وخير الدين غُلامٌ شركسي خُطِف في غفلةٍ من أهله، وبيع في السوق
عبداً، ولكته اتصل بقصر الحاكم بعد أن بيع ثانيةَ إليه! وقد راى ملامح
النجابة في كلّ ما يبدو منه، فاهتئم بتثقيفه وتربيته، وحققت الأيام ظنه،
فأبدى نبوغاَ أدهش مدزسيه، ولم يقتصرْ على التعليم الديني، إذ التحق
بالجيش، وتنقل من رتبة إلى رتبة، حتى صار أميراً للواء الخيالة، وزادت
ثقة الناس به، فجعله سفيراً يتحدث عنه في أخصّ أموره، وزار باريس،
وشاهد من تقدمها الحضاري ما رسم في ذهنه صورةً لحياة أفضل، وحين
رجعَ صار وزيراً للحربيّة، فبدا بإصلاحات كثيرة لم يعهدها أحد لدى
سابقيه، وأهفها سعيُه لإنشاء مجلس شورى منتخب، وقد عارضه الكثيرون
ممن لم يسمعوا عن هذا النظام النيابي، وعدّو 5 خارجاَ عن الشريعة، لأنّ
بعض القوانين التي أقرها لا ترجعُ إليها.
وخير الدين رجلٌ درس الشريعة في صغر 5، وعرف من أمور الدين
ما يعرف علماؤ 5، فناظر وعارض، حتى اكتسب أنصاراً، ثم تدخل المحتل
الفرنسي في أعمال المجلس، وأراد أن يخضعه لسيطرته، فوجد من
82