في خاتمة حديثه (1): "كانتْ فضائله التي تكون شخصيته هي الجرأة في
الحق، وعمله من غير خوف، وصلابته فيما يعتقده من غير انحناء،
وحريته في تفكيره من غير جمود، وقوة كاهله على حمل ا لأعباء ".
وننتقل إلى (علي مبارك) وقد أحسن الاستاذ ترجمته، وإيضاح
مناحي إصلاحاته المتعدّدة، وكأنّي بالمؤلف وقد ارتاح لعلي مبارك
لمشابة به يلمسها في نفسه، فالرجلُ عالم مفضال، صبور على البحث
والتنقيب، وله كتب شتى، بعضها اصبح مرجعاً أساسياً لتاريخ مصر،
وذلك كلُّه يحببه إلى نفس الكاتب، إذْ يسيرُ معه في اتجاهه.
ثم إن علي مبارك يبتعدُ عن السياسة ولا يزاولها إلا مضطراً، وكأنه
أجبر إجباراً، وهكذا أحمد أمين، وقد سخل تجاربه العلمية والعملية في
بعض ما كتب، وكذلك صنع أحمد أمين تماماً، لذلك لم أستبعد هذا
العطف الذي تلوح سطوره في كل ما كتب الأستاذ عنه، وإخاله أحسن
تعليل عدم اشتراكه في الثورة العرابية حين ردّه إلى مزاج نفسي ينأى به عن
الصراع، وهو الواقعُ فعلاً.
ومع محبته إياه فلم يبالغ في تقدير نتائج اعماله، حيث قال في
إخلاص (2):
"لم تكن خُطط علي مبارك في التعليم هي المثل الاعلى، ولا كانت
خالية من العيوب، ولكنّها كانت خطوةً مباركةً، صالحةً لا! ترقى مع
الزمان، ويصلح ما ظهر فيها عند التنفيذ من أخطاء" وأنا اقول: إنّ كل
مصلح شأنه في ذلك شأنُ علي مبارك، لا! أحداً من المصلحين كائناً
(1)
(2)
ز عما ء ا لإصلاح، ص 83 1.
المرجع السابق، ص 99 1.
84