كتاب أحمد أمين مؤرخ الفكر الإسلامي

ما كان لا تكونُ خطته هي المثل الأعلى، ولا تكونُ خالية من العيوب،
ويكفي أنه اصلج أموراً كثيرة في وزارات الأشغال والحربيّة.
امّا إصلاحاته التعليمية فقد جاوزتْ كل أمل في عصره، إذ أكثر من
المدارس والكتاتيب، وأنشأ دار العلوم، وأوجد لاول مرة قاعةً
للمحاضرات، وداراً للكتب، ومجلة ادبية خاصة بالمعرفة الإنسانية
والنتاج الأدبي! فصار بذلك رائداًاي رائد!.
ويحسّ القارى بفيض من الحب الشديد في حديث أحمد أمين عن
(الكواكبي) و (محمد عبده)، ويخيل إليّ أنّ الكاتب الكبير قد رأى فيهما
مثلاً ينشده ويحتذيه، فقد قال عن (عبد الرحمن الكواكبي) وكأنّه يتحدث
عن نفسه كما وصفه عارفوه:
قال أحمد امين عن الكواكبي: كان مثالاً نادراً في الرجال، مؤدضب
اللسان: "فلا تُؤخذُ عليه هفوة، يزنُ الكلمة قبل أن ينطق بها وزنأ دقيفاً،
حتى لو اُلْقي عليه السلام لفكر في الإجابة، متزنٌ في حديثه، إذا قاطعه
احا لممكت وانتظر حتى يتمّ حديثه، ثم يصل ما انقطع من كلامه، فيؤدّبُ
بذلئا مُحدّثه، نزيهُ النفس، لا يخدعه مطمع، ولا يُغريه منصب، شجاعٌ
فيما بقول ويفعل مهما جرّتْ عليه شجاعته من سجن وضياع ما لٍ، وتشريدٍ،
وهو على أنفته وعزته وصلفه على الكبراء، متواضعٌ للبائسين والفقراء،
يقف دائمأ بجانب الضعفاء، يشعّ على من يجالسه الاتزان والتفكير الهادى
وحب، الحق، ونصرة المبدأ، والتضحية للفضيلة ".
لقد نقلتُ هذا النص في مناسبة تدعوه من قبل، وقلتُ في التعليق
عليه (1): وكأني بالدكتور احمد امين وقد اهتمّ بهذا الأنموذج النفسي
(1)
النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين: 1/ 34، ط دار القلم.
85

الصفحة 85