كتاب أحمد أمين مؤرخ الفكر الإسلامي

الرائع، ليجعله قدوةً للقارئ، وأي قدوةٍ في العصر أفضلُ من صاحب هذا
المسلك النزيه، هذا ما قلتهُ من قبل، أقا ما لم أقله فهو أن كتابات أحمد
أمين في مقالاته الكثيرة ذات النزعة الإصلاحية تدعو إلى كلّ ما ذكره
الكاتب الكبير عن الكواكبي، فقد تحدث كثيراً عن عفة اللسان، وأدب
الحوار، وأخَذَ على المتناظرين شغفهم بالتهخم والغرور، كما كان اثناء
حديثه في مجالسه الرسمية والاخوية يزنُ الكلمةَ قبل أن ينطقَ بها وزنأ
دقيقاً، متزناً في حديثه حتى إذا قاطعه أحد سكت، وانتظر حتى يتتمَ حديثه،
ثم يصل ما انقطع من كلامه ليؤدّبَ بذلك محدثه.
أذكر عن احمد أمين قصّةً رواها عن نفسه، دون أن يذكر اسم
المتحدَث عنه، ورواها بعض أصدقائه ذاكراًاسم المعنيّ بالحديث، فقد
كان أحمد امين عضواً بمجلس الجامعة، وقد عُرِضَ امرٌ اقتضى علي ماهر
باشا وهو رئيس وزراء سابق أن يفيض في شأنه بغير ما يُرضي احمد أمين،
فاضطز إلى أن يرذُ عليه أثناء حديثه، فقاطعه علي ماهر محتداً، وقال فيما
يشبه الكبرياء: لا تقاطعني وانتظر، فسكت أحمد أمين حتى انتهى الباشا
من قوله، وأخذ يردُ عليه، فانطلق الرجل يقاطعه، وهنا صاح احمد أمين
صيحة زميله من قبل: لا تقاطعني وانتظر، فسكت الباشا ليستمع، وأدبُ
الحديث مما يحتاج الكُتاب إلى معاودة تقريره، لا! بلاء الناس جميعاً قد
جاء كثير منه صدى للاحتدام في المناقشة.
وقد عرفت من تعمّد الكيد لزميل له، لائه قاطعه في حديث عام
وصادف من المجلس قبولاً لرأيه، فعدّ ذلك انهزامأ، بل عدّه جرماً يتطفب
العقاب.
وقد أفاض أحمد امين في تحليل كتابي الكواكبي (طبائع ا لاستبداد)
86

الصفحة 86