كتاب أحمد أمين مؤرخ الفكر الإسلامي

الكاتب الكبير مُغرى بالإصلاح، وقد شاهد من المفاسد ما نهض الأستاذ
الإمام لمحاربته، فكان يستشهدُ به مكبراً قوله وفعله.
ومن سعادة الأستاذ الإمام أنه رُزق تلاميذ كأحمد أمين لم يزالوا
يلهجون به حتى لفظوا أنفاسهم، من أمثال!: (محمد رشيد رضا)
و (مصطفى عبد الرزاق) و (محمد مصطفى المراغي) و (عبد العزيز
جاويش) و (عبد الوهاب النجار) وكلّهم علم في بابه.
وقد استطاع أحمد أمين أن يلخص بمقدرة فائقة جهاد الإمام فيما
كتبه من صفحات لم تتعدّ ستّأ وخمسين، ولكنّها ضقت خلاصة الخلاصة
لما ذكره السيد محمد رشيد رضا في ثلاثة أجزاء كبار (1)!.
ومحمد عبده في راي أحمد أمين رجلُ خلقٍ وسلوك قبل ان يكون
إماماً مصلحاً! فهو شريف القصد، حرّ الرأي، عالي الجبهة، لا يخضع
لأوضاع رسمية يواها ظالمةً مجحفةً، ويُجابه الكبراء من أصحاب الرأي
النافذ والصيت البالغ بما يُحرجهم إذا كاد الإحراج سبيلاً لرد المظلمة
وإحقاق الحق.
وقد قرأت لمن يحاول! انتقاص الإمام فيقول!: إنّ مؤلفاته قليلةٌ
بالنسبة لبعض المعاصرين وهذا من العجب حقاً، لأن مواقف الرجل
مؤلفاتٌ ناطقة تُغني عن الاف الصفحات، والمسألة ليست مسألة كمّ.
فربّ كتابٍ واحدٍ أقامَ أمة وأقعدها، ورقيَ مئة كتاب طبعت ولم تجد
صدى أي صدى بين القرّاء، و (رسالة التوحيد) في زمانها المتقدم كانت
شيئاً جديداً، وقد بذرت بذرها، فأعقبتها كتب رائعة تتحدّث بإفاضةٍ في
(1) في كتابه (تاريخ الأستاذ الإمام).
88

الصفحة 88