كتاب أحمد أمين مؤرخ الفكر الإسلامي

الناحية النفسية ومن الناحية الأدبية، فمن الناحية النفسية تحدّث الاشتاذ
عما يُخالجُ كل إنسان من حبّه لاَثاره، وحرصه على جمعها لتكون باقيةً
ذائعهّ، كما ائه صدق نفسه، وصدق الناس حين ذكر أنّ احداً لم يُشرْ عليه
بجصمها، وضرورة ذيوعها في جزء خاص، والاستاذ بذلك ينقدُ من
يتوزطون في مقدّماتهم المملة، فيذكرون أنهم لم يكونوا ليرغبوا في جمع
آثار! م لولا إلحاح القراء، ومواصلة الرغبة الملحّة في جمع ما كتبوه.
ونحن نقرأ هذا الكلام فنبتسم، لان القراء بعد مطالعتهم ما نُشر في
الصحف والمجلات أحدُ فريقين، فريق اهتئم بما قرأ، فحرص على حفظه
وصب، نته في مكتبته وفريق لم يهتم بشيء، فترك المجلة تضيع في خضم
الزمن، ولا يعني الفريقين معأ أن تُنشر المقا لات مجموعةً أو متفرقةً! وقد
عرف الأستاذ هذه الحقيقة فعبّر عنها أصدق تعبير.
أما صدقها من الناحية الادبية فقد اعترف الاشتاذ انه كاتب أفكار
وليس! لى صاحب ديباجة بيانية تحتفل با لتعبير المؤ نق، وبا لموسيقى، وبالصور
الجمالية، وهذا حق، ولا يُؤخذ من ذلك أن أصحاب البيان ا لادبي المؤنق،
والتعبير التصويري الرائع أقل من ذوي الا! كار المتتابعة في نسقٍ فكري
مطرد، فللبيان الاَسر زينته وإشعاعه، وكلُّ ميسّر لما خلق له.
واحتفال الكاتب بمعانيه لم يحلْ دون الاهتمام بوضوح العبارة،
وجو دة التركيب، بل لم يُحل في كثير من الاحيان من ا لارتفاع إلى المستوى
الأدبي الرفيع إذا صفت قريحة الأستاذ في أوقات الصفاء، فحلّقتْ مع
الشعراء في افاقهم، واظهر ما يبدو ذلك في وصفه لمظاهرالطبيعة من بحرٍ
وشجرٍ وزهرِ وعطر، فله في ذلك من البدائع ما يجب ان يذكر دون جحود.
واشتهارُ الأستاذ بالتأليف العلميئَ الرائع البالغ حد الريادة والتوجيه،
95

الصفحة 95