كتاب إبراهيم السامرائي علامة العربية الكبير والباحث الحجة
المؤتمر الأخير لمجمع القاهرة، وكنت افتقدته في الجلسة الافتتاحية،
فلفا هاتفني طالباًان يلقاني بعدها بيومين، سعيتُ إليه خصيصاً، وفي
لقائي القصير معه عاتبته لأنه وصل متأخراً ففاتته الكلمة الافتتاحية، فما
كان منه إلأ ان انفجر في غضبة عربية مضرية قائلاً: وماذا نفعل؟ لقد تلقّينا
دعوة رسمية من المجمع لحضور مؤتمره، واستَصْدَرْنا تأشيرةَ دخولٍ من
القنصلية المصرية، واوفد المجمع مَنْ يستقبلنا في المطار، ومع كل هذا
عوملت - بسبب عراقِيَيَ - وكأنني مجرئم عاتٍ، فقد توقفت إجراءات
فحص جواز سفري، وأنجزت المعاملات لكل مَنْ سبقوني بما فيهم
الإسرائيليون! وبعد ئلاث ساعات من الانتظار المُملّ المُذِلّ أُذِن لي
بالدخول، حفاً إنّ وصف العرب بأنهم أشقاء هو وصف مغاير للحقيقة،
والأصح ان يُقال إنهم أشقياء! وليت هذه الصرخة المدوية الغاضبة من
العالم المجمعي العرافي إبراهيم السامرائي تبلغ اسماع ذوي الشأن،
عساهم يغيرون من اساليبهم في معاملة الأشقاء لا الأشقياء.
وعندما خاطبتُ السامرائي بلقبه الشُوربوني وهو (دكتور) رجاني
ان اعفيه من استخدامه قائلاً إنه لم يعد يذكره على أغلفة مؤلّفاته، ويوقع به
دراساته وبحوثه، بعدما هزل استخدام هذا اللقب على أيدي (الدكاترة)
المحدثين.
وأخبرني السامرائي ائه أعد للنشر ديواناً جديداً عنوانه (من ملحمة
الرحيل) فقلت له: ولِمَ هذا التشاؤم؟ فقال: إنَ الثمانين - وقد بُلِّغْتَها - هي
نذير بالرحيل، وهذه هي سئة الحياة التي ليس لها تبديل.
وعندما هاتفني الأخ العزيز الأستاذ أحمد العلاونة، لكي ينعي إليئ
إبراهيم السامرائي، مع أنه كان في تمام الصحة والنشاط، أيقنت أن عالمنا
12