كتاب إبراهيم السامرائي علامة العربية الكبير والباحث الحجة
الجليل وقد تنئأ بقرب الرحيل، قد صفى حسابه مع الدنيا، وأزمع السفر
في الرحلة الدهْرِئة إلى عالم الأرواح.
وكم كنتُ اتمئى ان يصدر كتاب العلاونة في حياة السامرائي وهو
يعاني من الغربة عن وطنه، فيقع فيه على تقدير كريم منصف، في زمن عز
فيه تقدير العلماء في حياتهم.
كان من دأبي ان اقزب المعاجم بشيء من التقديس، ولكن أستاذنا
السامرائي كان يقربها بروح العالم الئقَادة البصير، فيقع فيها على ما يجانف
الحفيقة، ويرى في بعضها ما يحتاج إلى تقويم او تعليق. فالمعجم - على
إعجازه - هو صنعة بشرية، لا تخلو من هَنَاتِ البشر الضعاف، ومن حقّ
مَنْ مَلَكَ العلم من اطرافه ان ينئه إلى ما فع فيها من اوهام واغاليط. ولعفه
لو شاء لما اعجزه ان يصنع لنفسه معجماً يحمل اسمه، فيه جماع حصيلته
اللغوية على مدى ستين عاماً، وليس مَن سبفوه من صُئاع المعاجم
الأفذاذ بأعلمَ منه، او اكثر بصراً بالألفاظ ومعانيها واستخداماتها القديمة
والجديدة، فضلاً عن مسكوكاته الخاصة من الألفاظ الشائعة القابلة
للتداول الواسع.
كان السامرائي كما يتبئن من هذا الكتاب الكاشف للأديب المجتهد
احمد العلاونة رجل الصناعتين: صناعة التاليف وصناعة الترجمة، وهو
في الميدانين حُخة اَمرة، حتى وإن اختلف معه بعض الدارسين، فليس في
الأدب حصانة، ولا للأديب مناعة تحول دون تناوله بالنقد او التصو يب.
ولئن اغنانا العلاونة عن معالجة الجوانب المختلفة لحياة السامرائي
الأدبية، فمازال الحديث موصولاً عن اخلاق هذا العالم الفرد من تواضع
وعِفة لسان وسَماحة نفس، ورَحَابَة صَدْر، يستفبلك بالعناق والقُبُلات
13