كتاب إبراهيم السامرائي علامة العربية الكبير والباحث الحجة

المعجمات. . . وكان يريد ان يصنع شيئاَ من هذا في الفاظ المعري،
ولكنه وجد ان المنهج الذي رسمه لنفسه واتَبعه مع المتنبي والجاحظ وابن
المقفع، لا يتحقق في المعري، وذلك لأن المعري قسا على نفسه فحمّلها
شَطَطاَ.
قسا على نفسه فزهِد في الحياة واعتزل الناس، وانصرف إلى العلم،
وقسا على نفسه في شعره وادبه، فاشتُهر بلزوم ما لا يلزم، وقسا على
نفسه في نثره، فجاء بالغريب العامر بالأوابد والشوارد سَلَكَها في قالب من
الفواصل مسجوعة، وربما سق على نفسه في هذا النثر المسجوع، فجعله
على طريقة لزوم ما لا يلزم، فاللغة (المصنوعة) التي اثبتها المعري في نثره
وطائفة من شعره، جعلته يميل إلى انه لم يستعمل لغة معاصريه، كما لم
يستعمل المعروف المالوف، بل هي لغة خاصة حافلة بالشَوَارد والغرائب،
وكأئه قصد إلى هذه الصنعة او الاصطناع توخياَ للإتيان ب (المعجز) العسير
الذي لا يصل إليه غيره، بل لا يدركه إلا فئة قليلة بالكد والجد والثصَب.
من اجل ذلك عَدَل عن صنع المعجم، وقَصُر اهتمامه على اشتات
قليلة من غرائبه استقاها من (رسالة الغفران)، وجعلها نماذج معترة عن
منهجه في البحث عن (الغريب) ليس غير، عددها ئلاث وخمسون كلمة،
رتبها على حروف المعجم.
ئم ألحق بذلك ما قام به العلأمة عبد العزيز الميمني في ضَبْط
مصنفات المعري وما قيل فيها، وفوائد اخرى اقتطفها من كتابه: (ابو العلاء
المعري وما إليه).
فخلاصة وخاتمة، خلُص فيها إلى ان المعري لغوي من الطبقة
الرفيعة، حامل لأشتات هذه العلوم اللغوية، مُلِم بأُصولها، عاردث
بأسرارها، ثم هو فوق هذا وذاك مُدرذ لأشياء انفرد بها.
! *
156

الصفحة 156