كتاب إبراهيم السامرائي علامة العربية الكبير والباحث الحجة
الفصل الأول
لمحات من حياته
إبراهيم السامرائي عَلَمٌ من اعلام العربية المعاصرين، رضي لنفسه
ان يركب المركب الخشن، فحملها على خوض ما لا يتعافاه إلا اهل الجد
الثاصبون أنفسَهم لخدمة لغتنا السمحة المعطاء، ابتغاء أن تتهيا لها السلامة
المرجُوّة، فأخذ نجالفوائد النافعة التي جاد بها الفكر النيّر لعلمائنا
الأقدمين، وبما أُتيحِ له أن يقبسه من العلم الجديد، فكان له من جماع
ذلك نَهْجٌ أهدى، وثمَرةٌ أزكى، وعائدةٌ ا وفى.
طَوَحَتْ بالسامرائي ظروفُ الحياة وقسوتُها متغزباً عن بلاده -
والغريب عن أهله مجاهد مغبون - متنقّلاً في كثير من الأقطار العربية، غيرِ
متمكّن من الاستقرار، مع ما يتصف به من علم وفضل وخُلُق، ولم يُعط
المكانة اللائقة التي يستحقها، وليس بدْعاً هذا الأمر، فتلك حالة أمثاله
من العلماء منذ اقدم العصور وفي كلَ زمان ومكان، يُلاقون من نَكَبَات
الدهر وشدائده ما يزيدهم قوة لمواصلة سَيْرِهم النافع. ومهما عمّ السوء
وساد الباطل، فلا بُد ان يبقى للحق حير صغير وحاشية ضيقة، تشير إلى
أن بَريق الخير لا يخبو.
انصرف إلى العلم مُجزداً عن زينة الدنيا، متزيناً بقول القائل: "العلمُ
زَينٌ وتشريفٌ لصاحبه!.
21