كتاب إبراهيم السامرائي علامة العربية الكبير والباحث الحجة

وقارئ ديوان (حنين إلى الكلم الضائع) يجد نفسه امام عالم لغوي
شاعر، عالم اطاعته اللغة، ودانتْ له بعد عِشرَةٍ طويلةٍ وصلةٍ وثيقةٍ، وتقابله
في الديوان اسماء يمنية استطاع ان يطؤعها لوزن عروض صحيح، ومضمون
فكري عميق، اثبت فيه اصالة هذه الأسماء وعروبتها. ويقول استاذنا
اللغَوي العلأمة صبحي البصام في الديوان: "كان بي حنين إلى الكلم الضائع
الذي حلَ مَحلَى في عصورنا الحديثة الكَلِمُ الرخيص المتهافت، فلما قرات
الديوان وجدتني قد ظفرت بذلك الضائع. إن أكثر قصائده عُقُودٌ من
الذهب فيها اصناف اللآلي. شعر ديوانك أكثر من شعر الرصافي
واجمل،. (من رسالة منه إلى السامرائي بتاريخ 0 1/ 1 1/ 0 0 0 2 م).
والبحر المحيط من الثقافة اللغوية والمُعجمية قد مكن الشاعر من
التعبير عن كل ما خطر فِي نفسه، من معانٍ وافكارٍ ومشاعر بكل يُسر
وسهولة، وهذا ما يف! ر غزَارة إنتاجه شعراً ونثراً، قال كل شيء وقال كل
ما يريد، ولم يَغسُر عليه قط موضوعٌ يريد تفصيله، او مشاعر يود ان يثبتها
للقراء. وفي هذا الديوان تسجيل يومي لكل ما يعرض للشاعر من مواقف
ومشاعر، ويتحدث في صحبته الطويلة للكَلِم واللغة، ويترجم كل ما يحسنُ
به ويفكر فيه شعراً، والسامرائي لم يترك خاطرة مرت به في البلدان الكثيرة
التي عمل فيها او زارها (العراق، فرنسة، المغرب، تونس، السويد،
اليمن، الأردن، مصر. .) إلا سجلها بتعبير شعري انيق، تَلْمَح فيه مَتَانة
التركيب اللغوي، وشفافية العاطفة الإنسانية.
وئفَة ملاحظات يجدها القارئ للديوان، خاصة في قصائده الأخيرة
وهي كثيرة، وتشكل ظاهرة في حياته، تلكم هي الشكوى من غدر الزمان،
وانحراف الزملاء، وهجر الأصدقاء، وقسوة الغربة، وتكاد هذه الظاهرة
تغلف حياة الشاعر كلها، فتظهر واضحة جلئة في اقواله وافعاله. وظاهرة
الشكوى والأسف والحزن في الديوان تحتاج إلى دراسة مستقلة، يبحث
75

الصفحة 75