كتاب محمد حسين هيكل الأديب السياسي المؤرخ ورائد الكتابة

وحدها على أنْ نعيد مجد اَبائنا. وآن نشترد ما اكتصب الغرب من حُريتنا،
وما آهدر بذلك من كرامتنا الإنسانية، ولقد آنسانا بريقُ حضارة الغرب
ما تنطوي هذه الفكرة القومية عليه من جراثيم فتاكة بالحضارة التي تقوم
على أساسها وحدها، وزادنا ما خئم علينا من سُجف الجهل إمعاناً في هذا
النسيان.
على انَّ التوحيد الذي اضاء بنوره أرواج اَبائنا، قد أورثنا من فضل
الله سلامةً في الفطرة، هدتنا إلى تصوّر الخطر فيما يدعو الغرب إليه، وإلى
انَّ امةً لا يتصلُ حاضرها بماضيها خليقةٌ ان تضلّ السبيل، وإلى انَ الأمة
التي لا ماضي لها، لا مُستقبلَ لها، لذلك لم يكنْ لنا مفرّ من العوْد إلى
تاريخنا، نلتمسُ فيه مقؤمات الحياة المعنوية، لنخرج من جمودنا المذلّ،
ولنتّقي الخطر الذي دفعت الفكرة القومية الغربَ إليه، فأدامتْ فيه الخصومة
بسبب الحياة المادية التي جعلها الغرب إلهه ".
وأعظمُ ما يبهرني من صفحاب التاريخ المعاصر في هذا الكتاب
ماتحدّث به الدكتور هيكل عن الأمن والأمان في العهد السعودي بالجزيرة
العربية، إذ وصف ما كانت عليه قبل ذلك من اضطراب وعُدوان، حيث
أصبح الحاجُّ القادمُ من بلاد الإسلام خائفاَ على نفسه من شراذم قطّاع
الطريق، الذين يُهاجمون القوافل، وينهبون المال، ويسفكون الدماء بغياَ
دون حق، وذلك تاريخٌ سُجّل في الصحائف، وهتف الشعراء بماَسيه حقبةَ
من الدهر، ولكنّ يد الله هيأت (عبد العزيز بن سعود) ليردّ على البلد أمنه،
وعلى الإسلام كرامته، إذ ينوش الاَثمون وفودَ الحرمين الشريفين بأفتك
الأسلحة، وكأنّهم اعداء مهاجمون، لا ضيولث قادمون! والفضل الذي
تحدّث فيه الكاتب الكبير عن (ابن السعود بمكة) يغني عن صحائف كثيرة
103

الصفحة 103