كتاب محمد حسين هيكل الأديب السياسي المؤرخ ورائد الكتابة

وألقى النور على تفاصيلها، حتى لم يبق فيها موضع للغموض، فهذه أمةُ
العرب في الجاهلية. وها هي ذي في صحبة الرسول عليه الصلاة والسلام،
وهذه هي يوم وفاته، وهذه هي في معمعةِ النضال بينها وبين نفسها،
وبينها وبين دولتي الفرس والروم، لقد تتبّع مؤلِّفُ السيرة قبائل العرب في
مواطنها، فوصفها وصفأ دقيقأ، يحمل القارى ان يستش! ما يعتلجُ في
نفوسها من العواطف، ويرى البواعث من وراءِ الوقائع، ويكتنه الأسباب
من وراء الحوادث. . .
لقد وصف سير الجيوش ا لإسلامية إلى بلاد فارس والشام، واستطاعَ
بالمقارنة والمناقشة ان يرسم خططها، ويصفَ حركاتها، وتنقّلها في
مواطن القتال، واحداَ بعد الاَخر، في وضوح وسهولة، لا يُمكن ان يدرك
منهما القارئ انه قد عانى شيئأ من المشقة في سبيل استجلاء الحقائق،
وإماطة الغموض وا لاضطراب عنها.
وقد افاض الأديب هيكل من خياله على الأشخاص، فأحيا صورهم
حياةَ يكاد القارى يسمعُ تردد انفاسها، والحقّ ان سيرة (الصديق أبي بكر)
فتج في كتابة التاريخ الإسلامي، اضاف به المؤلف الجليل ثروةَ قيّمة إلى
المكتبة العربية ".
هذا ما قاله الأستاذ (محمد فريد أبو حديد) واُضيف إليه ما قاله
الدكتور (احمد امين) في مجال الموازنة النقدية بين كتابي (الصديق
أبو بكر) لهيكل و (عبقرية عمر) للعقاد حيث قال:
" لوّنَ هيكلُ كتابته بلوِنْ العلم، فهو يصفُ الشجرة جذورَها وساقَها
واغصانَها وزهرتها، وصبغ العقادُ كتابه بصبغة الفنان، لا يرى من شجر
الورد الجميلة إلا وردتها الجميلة، لذلك ذكر هيكل مراجعه، لأنّ هذا
108

الصفحة 108