كتاب محمد حسين هيكل الأديب السياسي المؤرخ ورائد الكتابة

الفاظ، ولكنها مسالة مضمون.
وإن سز إبداع الدكتور هيكل في مؤلفاته الإسلامية انّه يستشفّ من
الأسباب الجوهرية للأحداث ما غاب عنْ سواه، وقد يجدُ المعارض فيما
انتهى إليه من أسباب ما يناقس به، ولكنّه رغم هذه المعارضة يقدم اسبابأ
لها وجاهاتها، بل لها مايجعلُ القلوب المؤمنة تتقتلها بابتهاجٍ،
وما يفسحُ لها في الصدور مكانأمنشرحأ.
لقد تحدّث المتحدثون عن الوقفة الباسلة الفذة التي وقفها أبو بكر
حين قزر في إصرارٍ حرب المرتدين، على حين اشفق الكثيرون من مغبة
هذه الحرب، حيثُ تالبت الجزيرةُ كفُها على الإسلام باستثناء ما بين
المدينة والطائف، فكيف يئبتُ المسلمون أمام هذه الجمهرة الكاسحة،
وعمر بن الخطاب نفسه خشي مغبةَ هذه الحرب غير المتكافئة، فعارضَ
أبا بكر في اتجاهه، وكان المظنون أن يكونَ عمرُ الشجاعُ المتحقس أوّل
المؤيدين إن لم يكنْ صاحبَ الراي قبلَ أبي بكر.
هذا الموقف الصارم الحازم من إنسانٍ رحي! هادى السريرة، وجد
التعليلَ المريحَ لدى الدكتور هيكل، حين اكّد أن اقتداء ابي بكر بالرسول
ع! يم، وطول مصاحبته إياه في اشد مواقف الحرج، كان الدافع الأؤلَ
للتأسي به في هذه العاصفة الهوجاء، فقد تعرض النبي جم! ي! في حياته لمثل
هذه المواقف الضائقة، فما ازداد إلاّ صلابةً وثباتأ.
يقول الدكتور محمد حسين هيكل (1) في جواب السؤال الحائر،
كيف استطاع أبو بكر أن يواجه الصعاب التي افتتح بها عهده، وأن يثبت
(1) الصديق ابو بكر، ص 17.
112

الصفحة 112