كتاب محمد حسين هيكل الأديب السياسي المؤرخ ورائد الكتابة

امامها ويتغلب عليها؟ يقول الدكتور هيكل: "إن عظمة الصديق في خلافته
تتصل بعظمته في صحبة الرسول لمج! اوئق اتصال، فهو قد اُشرب اثناء
هذه الصحبة روح الدين الذي جاء به محمد علا!، ومما اُشربه وادركه
بالهامه انَّ الإيمان قوة لا يغلبها غالب، حين يتنزه المؤمن عن كلَ غرضِ،
إلا ابتغاء الحق لوجه الحقَّ وحده، هذا الإيمان الصادق الذي دفعه
ليخالف اصحابه في امر المرتدين، ويصزَ على قتالهم، وإن خرج وحده،
وماله لا يفعلُ، وقد رأى النبيئ ع! م يقفُ وحيداَ يدعو إلى اللّه بمكة،
فيخالفه أهل مكة، ثم يُغرونه بالمال والملك والعظمة، ثم يُحاربونه
يبتغون بذلك ان يصدّوه عن الحق الذي يدعو إليه، * يفتر ان يقول:
"والله لو وضعوا الشمسَ في يميني، والقمرَ في شمالي، على ان اتركَ هذا
الأمرَ ما تركتهُ حتى يظهره الله أو اهلِكَ دونه "! وما له لا يفعل، وقد رأى
النبني لمج! م في اعقاب غزوة اُحد، وبعد ان انتصرتْ قريمثق على جيوش
المسلمين فيها، يرتدّ لغده فيمن بقي من المسلمين ممن شهد اُحداَ،
ويتعقب قريشأ. . . وينزل حمراءَ الأسد، ويقم بها ثلاثة ايام. يُوقد النارَ
طول ليله، حتى تزعزعت همةُ قريش، وانصرفت إلى مكة، وقد استرد
المسلمون من مكانتهم ما زعزعته أُحد".
والمؤلّف حين يقرّر ذلك لا يغفل عن مواقف الرحمة واللين في
حياة أبي بكر، فهو يؤرّخها ب! بداع، ويحسنُ تعليلها أجملَ التعليل، ومن
ذلك موقفه الشهير يوم أسرى بدر، إذ كان شفيعَ هؤلاء الأسرى لدى
رسول الله لمج! م بعد ان أرهبهم عمر، وتوعدهم بالمكروه، فأخذ يدفع
حجج عمر باللين والهوادة، إذ يرى بعين بصيرته أن سلطان الرحمة له
الغلبة اَخر الأمر، وأن الناس سينزلون على حكم صاحبها وعلى عقيدته
ما رأوْها رحمةً إنسانية ساميةَ، مبراة من العنف، منزهةً عن الهوى،
113

الصفحة 113