كتاب محمد حسين هيكل الأديب السياسي المؤرخ ورائد الكتابة

تاريخ الإنسانية، وإنّه ليستهدف اثناء درسه وبحثه إلى جمع كل مايستطيعهُ
من حقائق تاريخية، حتى ليهولك الموقف فتظنّ أنّه قد حشد لك كل
الوثائق والمستندات، فليس هناك من سببٍ ممكنٍ لتحطيم الدولة الفارسية
في موطنها إلا سجّله، وليس هناك من سبب في تحطيم الدولة الرومية في
بعض جوانبها في مصر والشام إلا وقد صوره، وإن البحث ليتّسع عليه
فيُخرج في الفاروق مؤلفاًاؤل، ثم يتبعهُ بمؤلَّفٍ ثان يستتم به تصوير هذه
القصة الطريفة، قصة حياة الفاروق، وإئها لقصة دين وامة ".
وإذا كنا نعرف ان بعض الكاتبين قد تعرّض بالتفنيد لبعض المسائل
التاريخية التي انتهى فيها هيكلُ إلى راي لا يرتضيه، فذلك امرٌ طبيعي
منتظر، ولكن الذي لا ينتظر إطلاقاً أن يتعالى الناقدُ على المنقود، وأن
يظن ان الحكم حكمه عند الاختلاف، ولا ادري لماذا لم يسألْ نفسه
صادقاً هل في مكنته او في مكنة عشرة من أمثاله إذا اجتمعوا لتأليف
موسوعةٍ عن هذ 5 الحقبة الممتدة من ظهور ا لإسلام إلى استشهاد عثمان أنْ
يبلغوا قليلاَ مما بلغ هذا المؤزخ العملاق!
إن الفارى الاَن لم يَعُدْ ساذجاً يتقئلُ النقدَ دون نفاشٍ، ولكئه يميز
بين الرديء والجيد، وله حُكْمهُ الصائب على ما يفرأ، ولا بد أن يدرك أنَّ
هؤلاء المتعالين دونَ سببٍ للاستعلاء قد وضعوا انفسهم في ميزان الحكم
الأدبي موضعاً يدعو إلى الإشفاق!.
لقد تحدث الدكتور في مقدمات كتبه المباركة عن الأسباب التي
دفعته لتأليف كل كتاب، ثم أوجزها دقيقة شفافةً في مقدمة كتابه عن
(الفاروق) وقد وقفتُ عند حديثه عن هذا الكتاب وقفةُ الطروب المتأثر
بأسلوب من الأدب جاء في روعته دقيقاً محكماً، لأن الصورة الأدبية التي
119

الصفحة 119