كتاب محمد حسين هيكل الأديب السياسي المؤرخ ورائد الكتابة

خاصة في حياته، حتى معَ زملائه من الكتّاب، فلم يكنْ يسعى إلى
الحديث عن كُتبه وآثاره، بل يتركُها للقارى دُون اهتمام بما قد يُقال عنها
من نقد إلأ ما يَكْتبُهُ بعض المشهورين من زملائه، فهو حينئذٍ يضطز إلى
المطارحة الأدبية، وله أسلوبهُ الرصين، الذي يعمد إلى الفباب دونَ
التعقق بالقشور.
ولعلّ حياة الرجل كانتْ باعثةً على هذا الاتجاه، وأعْني بها
ما اتخذه لنفسِه من اسلوبٍ في الاتصال بالناس، وأذكر انّ بعض قرائه
فهموهُ على غير وجهه، فكانوا يتحاشَوْن لقاءه، مع أئه يُرحبَ بكل زائر،
ترحيبه الخاص بمنهجه، فهو لا يعقد الندوات، ولا يتّصلُ بقاعات
المحاضرات العامة، ولكنَه يعتكف على قلمه، فإنْ جاءه زائر رحّب به،
ووفّاه حقه من الإكرام.
حدّثني احدُ منَ كتبوا عنه رسالةً علمية في حياته أنّه تهيّب لقاءَه لما
يَعرفُ عنه من التحفّظ، ثم دفعه استاذُهُ المُشرف إلى هذا اللفاء، فتفدّمَ إلى
المنزل، دون ميعادٍ، ولم يَقُلْ للدكتور إئه جاءَ ليتحدث عنه في شأنٍ
خاصق به، بل جعَلَ الزيارةَ بدءاً للحديث الخاصق بالأدب المعاصر، فوجدَ
من الدكتور سَعةَ صدْر، وحُسنَ استماع، بَددَا عنه كل وحشة، ثم اتجه إلى
ما أراده، فما انسَ منه تحفظاً بل حياءً، ولم يشا ان يتحدث عن نفسه، بل
أرشدَهُ إلى بعضِ الصحف، التي تحدثتْ عن اَثاره وعن نشاطهِ الفكريّ،
وطَلبَ منه الأ يخمق جهادَهُ السياسي بحديثٍ طويل، فقال الدارس:
ولكنّ فَصْلاً هافاً في الرسالة سيتتم بهذا الاتجاه فقال له بعد تفكير: إ ن
المذكرات السياسية التي كتبها في جُزْءينْ كفيلة ان تُطفئ ظمأه العلميّ في
هذا ا لاتجاه.
12

الصفحة 12