كتاب محمد حسين هيكل الأديب السياسي المؤرخ ورائد الكتابة

اختارها تنئمُ عن الواقع الحقيقي الذي أراد تصويره، فهو يقول في روعة
وإبداع (1):
"وهذا الكتاب عن عمر حلقة ثالثة من هذه السلسلة، لكنّها تختلفُ
عن الحلقتين الأوليين، كما تختلف كل واحدةٍ من هاتين الحلقتين اختلافاً
ظاهراً، هذا مع توالدُ الحلقات الثلاث، كل واحدة عن سابقتها، كما
تخرجُ الجذور من البذور، ثم ينبثق الجةع باسقاً من الجذور، ئم تتفرع
الأغصانُ من الجةع، قد تذبل الأغصان، ويبقى الجذع مع ذلك قوفي
الحيوية، بل قد يجفّ الجذعُ ثم تبقى الجذورُ سليمةً قادرةً على ان تنشئ
جذوعاًاقوى، وفروعاً أكثر نضارةً، ف! ذا كانت الإمبراطورية الإسلامية قد
انحلّت، فلا يزالُ الإسلامُ الذي أنشأها قديراً على أن ينشئ وحدةً إنسانية
عظيمةً تلائم روح العصر ونطامه ".
والذي اوقفني موقفَ الطروب الفرِح من هذه الصورة الرائعة هو
ما تبعثه من الأمل المشرق الموعود، في رجعة عهدٍ زاهر للإسلام، إ ذ
يعمنا الياسُ المطبق حين نرى أحوالَ العالم الإسلافي لا تُبشر بما نرجوه
من ارتقاء وصعود، فإذا عرفنا أنَ الأصل موجودٌ، وهو البذرُ الذي غرسه
القراَن الكريم، ونمّاه الرسول ىلمجي! وصحابته بالجهاد الحافل المديد، فإنّ
ذبول الأغصان اليوم، وجفاف الجذع هذا الجفاف المؤلم المُؤسي، مما
لا يجلب دواعي الياس ما دام البذر باقياً صحيحاً، يستطيعُ ان يبعثَ
الحياة من جديد، والمسلمُ في حاجة إلى مثل هذه الاَمال يهتف بها كاتبٌ
قوفيُ ا لإيمان، قوفيُ الإدراك، قوي التعبير والتصوير.
(1) الفاروق عمر: 1/ 2 1.
120

الصفحة 120