كتاب محمد حسين هيكل الأديب السياسي المؤرخ ورائد الكتابة

وهذه القوة البيانية تتخلل اجزاءَ الكتاب في موضوعاته المختلفة،
ولا اعني بذلك قوة الصورة وحدها، بل قوة الفكرة الموخهة الموقظة
للنيام من مضاجعهم المظلمة! لترى العيونُ ما حولها من ضباب متراكم،
فتعمل على إزالته بأقوى ما تستطيعُ، وإذا كان الإسلامُ قد هدى العالم
بنوره حين أخرجه من الظلمات إلى الضياء المشرق، فهو قديز اليوم بأن
ينقذ اهله من السّبات بما يعلمون من مبادئه التي قضت على طغيان الروم
والفرس من قبل، فهي جديرةٌ أن تقضي على اعداء اليوم من المتربصين
الحاقدين.
يقولُ الدكتور هيكل متحدئاً عن أسباب النصر بالأمس في إيجاز من
اللفظ يحمل اقوى أساليب الإسهاب في المضمون (1):
"وإتما قَدِرَ العربُ بعد إسلامهم على الفرس والروم، لأن الإسلامَ
انشأهم نشأةً جديدةً، وبث فيهم روحاًاحالتهم خلقاً جديداً، ذلك أنه
اقتحم على نفوسهم مناطق عقائدها وعباداتها، واتصل بوجدانهم في
صميمه، فألقى فيها بذرة التوحيد، صافية الجوهر، نقيّة من كل شائبة،
بسيطةً كذلك كلَ البساطة.
ثم إئه فرض عليهم من العبادات ما زادهم بالتوحيد إيماناً، وما ربط
بين قلوبهم بأوثق رباطٍ، فرض عليهم الصلاة والزكاة والصيام والحج،
فأما ما وراء ذلك من سالفِ شعائرهم فقضى عليه إلى غير رجعة. . .
اخذ هذا الإيمانُ بمجامع القلوب، وانتقلَ أثره من الفرد إلى الجماعة " هذا
ما فعله الإسلام بالأمسِ، بهدايته التي لا تزالُ تُتْلى وتُحفظ م! ت كتاب الله،
فهو جديز اليومَ أن يعيدَ الكزة من جديد.
(1) ا لفاروق: 1/ 3.
121

الصفحة 121