كتاب محمد حسين هيكل الأديب السياسي المؤرخ ورائد الكتابة

"غير المسلمون ما بأنفسهم حين اَمنوا بالئه ورسوله ع! ير، فاجتمعوا
حول مَثل اعلى صوره الله فر؟ رسالة نبيه بم! ي!، فأصبج المسلمون بفضل هذا
الاجتماع امةَ واحدةً، وصار كل واحدٍ منهم في هذه الأمة كالعضو في
الجسد، لا قوة له بذاته، بل بقوة الجسد كفه، بذلك صار كل رجلٍ من
ابناء الأمة وكل امرأة من نسائها قوةً يجذبها المثل الأعلى إليه، ويدفعها
قوية للمغامرة في سبيله، ويسمو بها إلى حيث لا تعرف الضعف،
ولا التراجع ولا الهزيمة، بل تؤئر الموتَ الكريم على الموقف الشائن،
أرايت إلى (طليحة بن خويلد الأسدي) كيف كان ضعيفأ أمام خالد بن
الوليد في حروب الردّة، وكيف كان قويأ بالغَ القوة على الفرس في
القادسية، وهل رايت كيف انهزم (عمرو بن معدي كرب) و (الأشعث بن
قيس) في ردتهما أمام جيش المسلمين، وكيف أبْليا في القادسية بلاءً ذكره
لهما الذاكرون.
ذلك ان طليحة كان يوم تنبا قويَّ الشكيمة، ضعيفَ الإيمان، فلم
تغن قوة شكيمته عن ضعف إيمانه، وكذلك كان عمرو بن معدي كرب
الزبيدي، والأشعث بن قيس، وسائر الذين ارتدوا وحاربوا المسلمين،
فلما عادوا إلى الإسلام، واَمنوا به، وصاروا فلذةً من الأمة التي اعترت
بإيمانها، زادهم الإيمان قوة على قوتهم، فكان لهم من الفعال في القادسية
ما رايت، وكان لهم بعد القادسية من فعال البطولة ما خفده التاريخ ".
وحديث هيكل عن انهزام هرقل واندحاره في معارك الشام أمامَ
الجنود المسلمين بعد انتصاره الساحق على الفرس يدذ اكبر دلالة على
ما يعتقده الكاتب الكبير في أثر العقيدة الصحيحة وقدرتها على النصر.
كما يدل على اثر الانتماء الوصولي الذليل دون عقيدة دافعة، واثره
125

الصفحة 125