كتاب محمد حسين هيكل الأديب السياسي المؤرخ ورائد الكتابة

مذكرات في السياسة المصرية
كتب الدكتور هيكل مذكراته السياسية حافلةً بما راى وسمعَ وباشر،
لأنه كان رئيسَ حزبٍ سياسي، ورئيسَ تحرير جريدة تنطقُ بلسان هذا
الحزب، ومن قدره ان يكون هذا الحزبُ ممثلاً للأقلية لا للأكثرية، فهو
مضطرٌ لمجابهة تيارات قوية، تدفعهُ دفعأ إلى النقاش المتواصل، وإلى
تبرير ما قد يأتي به حزبهُ من اعمالٍ لا تحوزُ قبولَ الأكثرية، وهو يعرفُ
هذا جيداً، لذلك يلمسُ قارئه في هذه المذكرات تبريرات كثيرة لأخطاء
صريحة، كما يلمسُ نقداً لزعماء قد يكونون ذوي اَراء صائبة في اتجاهاتهم
التي يعارضها حزب الأقلية، ومهما يكن من شيء لقد كان الرجل صادقأ
مع نفسه حين نزل ميدان السياسة، إذ ارتأى وجهة يعتقدُ انّها الصواب،
كما كان صادقأ مع نفسه حين كتبَ هذه المذكرات في شيءٍ من الإسهاب.
وقد احسّ قبل أن يبدا الكتابة انَّ قارئه ربما يطنُّ انَّ المسألةَ مسالةُ
دفاع عن اتجاه، لا تقريرٌ لسياساتٍ تأتلفُ وتختلف، فأراد أن يطمئنه على
ائه حين يكتب هذه المذكرات، لا يعني الدفاعَ عن خطّه السياسي، ولكنه
يقرّر واقعأ، وقال بصدد ذلك بعد ان ذكر انتماءه السياسيَّ لحزب الأحرار
الدستورين:
" لقد كنتُ معهم، وكنتُ محررهم، لكن هذا وذاك لم يمنعاني وانا
كتبُ هذه المذكرات من ان اقفَ موقف المؤزخ ما استطعتُ، غير متعصبٍ
127

الصفحة 127